وعليّ عليهالسلام موجود[١] ، فكانت كلّ تلك الأعمال والإشارات والبيانات ، تعريفاً بمقام عليّ عليهالسلام ، وتهيئة للمسلمين بقبوله إماماً وقائداً وعَلَماً عليهم ، يسلك بهم طريق الرشاد ، ويهديهم سواء السبيل.
ومهّد صلىاللهعليهوآله لعملية تسليم السلطة لعلّي عليهالسلام من بعده ، بشكل يُهيىء الأمة لتقبل ذلك ، بالنصّ على أفضليته ، وأحقيّته بمنصب الإمامة ، ولياقته بموضع القيادة ، على رأس هرم السلطة ، وخصائصه التي يتميز بها عن غيره ، في عدد من الأحاديث المتّفق على صحّتها ، ومنها قوله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : « أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، غير أنّه لا نبيّ بعدي » لمّا تركه خليفة له على المدينة ، وخرج لغزوة تبوك ، تحسّباً من مؤامرة المنافقين.
لكنّ الأمّة أبت أن تسمع وتطيع ، وحصل لها ما حصل لبني إسرائيل ، عندما تجاهلوا تعيين موسى لهارون أخاه خليفة له عليهم ، واستضعفوه وكادوا يقتلونه كما صرّح بذلك القرآن الكريم.
ومن المراجعات انتقلنا إلى مطالعة كتاب دلائل الصدق ، للشيخ المظفر قدسسره ، فترسّخت قناعاتي ، وتجذّر إيماني بحقيقة أهل البيت عليهمالسلام ، وصحّة عقيدتهم ، ونقاوة أركانها ، وسلامة بناءها ، ودقّة تحليلها للمسائل ، وإجاباتها المنطقيّة على الإشكالات المطروحة ، وردودها المفحمة على الطاعنين ، فأعلنت تشيّعي ، وأظهرت عقيدتي في الوسط الذي كنت أعيش فيه ، وتحملت المسؤوليّة في نشر الإسلام المحمّدي ، الذي نقله أئمّة أهل البيت عليهمالسلام الاثني عشر ، عن جدّهم النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله ، فكان ذلك منطلقاً فعليّاً وبداية مثمرة للدعوة إلى التشيّع الإمامي الاثني عشري ، فلم تمرّ سنوات قليلة حتّى أصبح التشيّع متواجداً داخل أسوار الجامعة التونسيّة ، ومنه إلى الأُسر والقرى والمدن ، رغم قلّة الموارد ، وضيق ذات
[١] انظر سنن الترمذي ٤ : ٣٣٩ ، سنن النسائي ٥ : ١٢٨ ، مسند أحمد ١ : ١٥١.