زهير ، صديقُ الطفولة وشريك في ذكرياتها اللطيفة والممتعة ، كان ولا يزال متحليّاً بروح مرحة عالية التربية ، حسن المعاشرة ، لطيف الطباع ، قويّ البنية ، لكنّني لم أذكر أنّه استعملها في الاعتداء على أحد مهما كان تطاوله عليه ، لكن ليس معنى ذلك أنّه يقبل أنْ يُظلم ، لقد تعلّم كيف ينال حقّه بفضل تعقله ومنطقه ، جاء إلى الجلسة ملبيّاً الدعوة التي كنت وجهتها إليه ، مدفوعاً بحماسة إظهار الحقّ ، ونصرة أهله الكرام عليهم الصلاة والسلام ، وعند إعطائه الكلمة قال :
نشأت في وسط متسامح لا يعرف التعصّب ، منفتح على الثقافة والعلم ، فلم يكن لديّ إشكال في التواصل مع كافّة الشرائح التي تتعايش معي في المجتمع ، ومن الثانوية إلى الجامعة تعدّدت علاقاتي مع مختلف التوجّهات الفكريّة ، إسلاميّة وعلمانيّة ، مع الحرص الكامل الذي كنت أظهره في الحوار والنقاش مع هؤلاء ، عاملا بقول الله سبحانه وتعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )[١].
أولى ملاحظاتي التي أفضت بي إلى التمسّك بحبل أهل البيت عليهمالسلام ، تتعلّق بمسألة الاصطفاء التي تحدّث عنها القرآن الكريم ، موضحاً أنّها سنّة إلهيّة مترابطة ومتسلسلة عبر الزمن ، غير موقوفة على أمّة دون أخرى ، ويعتبر الاصطفاء الإلهي في القرآن ، ثابتة من الثوابت التي لا تتغيّر ، وقد مثّلت على مدى مسيرة البشرية في هذه الحياة ، الملاذ الذي يستطيع به الهارب من الانحراف والزيغ ، اتّباع السبيل