وبعد عدة أيام ، كنت قد قضيت أوقاتها ما
بين المطالعة والدرس ، والتطلع إلى مناظر الطبيعة ومراقبة كُلّ ما حولي بعين ساهمة
، تشاور كُلّ الوجود كيما تبلغ عنان أفلاك السماء ، وتفهم سر هذه الرحلات الأرضية
وهذه التقلبات والتغييرات في سيماء التاريخ ، وألوان الماضي حتّى احالنا الحاضر
إلى مثل هذه الاستجوابات الذاتية والتساؤلات المتداعية!
وإذا ما كان طلال قد غاب عنّي لفترة من
الزمان ، لعلة شغلته ، وأعمال أخذت منه كُلّ وقته .. فإذا بي أراني ذات صباح ، ومن
بعد ما تناولت طعام الإفطار ، أنعم تحت ظلال السماء الباردة ، بشعاع دافئ مسكوب من
خصلات نجمة شمس الصباح الشتائية الناهدة .. حتّى كان يطلع علي طلال عبد الواحد
بطلعته الناصعة ، بوجه صارم ، لا يخالطه سوى حنان أخوي ، واشفاق عمر ضاع بين صفحات
أعناق زجاجات ، رمتها سنوات مطّرحة على ضفاف السواحل التي ما زالت تنأى بالإنسان
عن موطنه ومحل صباه ومسقط رأسه! قال لي :
ـ « كيف حالك أيّها الأخ العزيز؟! ».
ـ « على أحسن ما يرام؟ ».
وبعد أن شربنا قدحين من الشاي ، كان
يحكي لي قصة حياته ، ويسرد لي