وذات يوم ، بعد مضي ما يقرب من الشهر
شاهدت سميراً ، وإذا به ينفتل ، وقد تفجرت عيونه بغيظ حانق ، وطفح وجهه بلهب دام ،
وكأنه لم يقنع بما قلته له ، بل إنّه وجد مثل هذه ، فرصة هامة ، كيما يفرغ ما في
جعبته من عُقَد وآلام ، فيصبّ جامّ غضبه ـ الذي كان يقرر أن يصبه على أخيه الكبير
ـ علي أنا نفسي حتّى يفرغ كاملاً في رأسي ويتخم به جمجمتي .. فساءلني والدهش يريم
على محياه ، ومن دون أن تدهش حروف خطابه :
ـ « أما أنّي هذه المرة ، فلقد سمعت
بأنك قد شددت عزمك على التشيع وبشكل نهائي ، .. تريد أن تستبصر ، قررت حتمياً؟! ».
قلت له :
ـ « ومن أخبرك؟ ».
ـ « لم يخبرني أحد .. أن تصرفاتك لتوحي
بأكثر من هذا .. ».
ـ « دعك من عناء الخبل .. ».
ـ « إنه ليس بخبل ، تريد أن تترك حصيلة
جهود آبائنا ».
لم يثرني كلامه ، بمثل ما أثارني اللحظة
، وكأ نّي لم أتحدث إليه ومن قبل الشهر .. ولم أتناقش معه أو أجاذبه أطراف حديث
ومناظرة جادة .. عقلية ، علمية ، حتّى صرت التفت إليه ، أحاول أن أوقظ لمحة من
المشاعر في جبينه ،