كنت ما أزال أحدّث نفسي ، ولقد شغفت
بهذا الحديث حتّى طال وطره وتناءت دقائقه بساعاته ، فعدت أسائلها وفي القلب لوعة
إلى بلوغ النهاية والخروج من هذه المحنة والأزمة اللتان خلتهما أشبه بالفتنة
العمياء ، فقلت لها :
ـ « وآية الاكمال ، كيف كان لها أن
تنزل؟ ».
ـ « فلمّا بلغ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يومئذ
الرسالة بنصّه على علي بالإمامة وعهده إليه بالخلافة ، أنزل اللّه عزّ وجلّ عليه :
( اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً ). وإذا كانت العناية من اللّه عزّ وجلّ
، على هذا الشكل ، فلا غرو أن يكون من عناية رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما كان! ».
ـ « كيف؟ ».
ـ « فإنّه لما دنا أجله ، ونعيت إليه
نفسه ، أجمع وبأمر من اللّه تعالى على أن ينادي بولاية علي في الحج الأكبر على
رؤوس الاشهاد. ولم يكتف بنصّ الدار يوم الانذار بمكة ، ولا بغيره من النصوص
المتوالية. وقد سمعت بعضها ، فأذن في الناس قبل الموسم أنّه حاج في هذا العام حجة
الوداع ، فوافاه الناس من كُلّ فجّ عميق ، وخرج من المدينة بنحو مائة ألف أو
يزيدون .. ».
فقاطعتها وأنا أحاول أن أفلت من زمام
هذا الطوق الذي جعل يشتد على