استقوت بحركة الحسين (عليه السلام) عزائم ابن الزبير، وجهر بخلاف يزيد، ورفض بيعته، ولازم مكة أُم القرى يسلك مسلك الحسين، إلاّ أنّ غايته كانت الدعوة إلى نفسه في حين أنّ الحسين (عليه السلام) لم يصرِّح بالدعاء إلى شخصه وإنما أجهر برفض بيعة يزيد فقط، وبالتقيّة من شرّ أمية راضياً بأن يخلّى له السرب كي ينفذ إلى ثغر من الثغور، كذلك الشريعة تقضي على المسلم إذا لم يسعه إظهار دينه في بلده أن يهاجر منها إلى مأمن لا يضطر إلى التقيّة، وسبط الرسول (صلى الله عليه وآله) أحرى بالتزام شريعته. وكان يتسع نطاق شيعته يوماً فيوم لإخلاص الحسين (عليه السلام) في أمره، وجلي فضله، وسمو شرفه، وكرم محتده.
لكن حزب ابن الزبير ـ وإن كان صغيراً ـ قد نفع الحسين في تنفير العامة من بني أُمية وكانت لابن الزبير وأبيه سابقة سوء مع علي (عليه السلام) في بدء خلافته بالرغم من القربى الماسة بينهم حتى قال عنهما علي: «لم يزل الزبير منا حتى نشأ ابنه عبد الله» لكنما الغاية المشتركة من خوف وضعف اتجاه العدو القوي دعتهما إلى تجديد عهود الولاء ونسيان سوالف البغضاء، فصار يزور كل منهما الآخر عشية وضحاها وقد صار لمظهر اتحاد ابن الزبير مع الحسين أثر حسن ورهبة في نفوس من عاداهم ومن عداهم، وذهبت الرسل من الحرمين الى يزيد بأخبار مذعرة