في مكارم الأخلاق تتلألأ خلة التضحية تلألؤ القمر البازغ بين النجوم الزواهر، فإذا شوهد في أمرء شعور التضحية اكتفى الناس بها عن أي مكرمة فيه أو أية مأثرة له، ولا عجب، فإنّ الصدق إذا عدّ أصل الفضائل فإن شعور التضحية هو من أجل مظاهر الصدق والمستميت يميت مع نفسه كل شبهة وشائبة من سمعة أو رياء أو مكر أودهاء.
إذاً فشعور شريف كهذا ينجم في تربة الصدق ويسقى بماء الإخلاص لابد وأن يثمر لأهل الحق بالخير الخالد، وإذا كان الموت ضربة لازب لا مهرب منه ولا محيد عنه فاشتر بهذا العمر القصير نفعا عاماً وخيراً خالداً. هي هي والله صفقة رابحة وتجارة لن تبور، فخير الموت الفداء، وأفضل الأضاحي من أمات هيكله البائد لإحياء نفع خالد.
كذلك الشهداء في سبيل إصلاح الأمة أو تحريرها من أسر الظالمين، وسيدّ هؤلاء الشهداء الحسين بن علي (عليه السلام) الذي أحيى ـ هووالذي معه ـ مجد هاشم، ودين محمّد (صلى الله عليه وآله)، ومعارف القرآن، وشعائر الإسلام، وأخلاق العرب في وثباتهم ضدّ سلطة الجور والفجور. فلم تختلف لهجته، ولا تخلّفت سيرته، ولا وهنت عزيمته، ولا ضعفت حركته، ولا ضيَّع مصالح أعوانه لترضية عدوانه. ونفس قوية