[1] أقول: ذكر أحمد بن أبي طاهر في كتابه: تاريخ
بغداد، مسندا، كما في شرح النهج ج 3 ص 97 و كتاب علي و مناوئوه ص 26( ط مطبوعات
النجاح بالقاهرة): محاورة طريفة جرت بين ابن عباس و بين عمر بن الخطاب، قال عمر
لابن عباس: يا عبد اللّه، عليك دماء البدن إن كتمتنيها، هل بقي في نفسه شيء من
أمر الخلافة؟ قلت: نعم، قال: أيزعم أن رسول اللّه( ص) نص عليه؟ قلت: نعم. و أزيدك:
سألت أبي عما يدعيه؟ فقال:
صدق. فقال عمر: لقد كان من رسول
اللّه صلى اللّه عليه و آله في أمره ذرو من قول، لا يثبت حجة و لا يقطع عذرا، و
لقد كان يربع في أمره وقتا ما، و لقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه، فمنعت من ذلك،
إشفاقا و حيطة على الإسلام، لا، و رب هذه البنية، لا تجتمع عليه قريش أبدا، و لو
وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها، فعلم رسول اللّه( ص): أني علمت ما في نفسه
فأمسك، و أبى اللّه إلا إمضاء ما حتم ..
فهل ترى أن الخليفة كان أحرص على
الإسلام من نبيه الكريم؟؟ اللّه الهادي؟!.
[2] أقول: رواه مسلم بطريقين، في باب ترك الوصية ج
3 ص 69، إلا أن الذي في هذه طبعة مصطفى الحلبي و أولاده بمصر( قد ورد في طريقه
الأول قوله:« فقالوا: إن رسول اللّه يهجر»، و في طريقه الثاني: فقال عمر: إن رسول
اللّه قد غلب عليه الوجع، و هكذا في البخاري ج 1 ص 36، باب كتابة العلم و ج 2 ص
156، باب قول المريض:-.- قوموا عني، و ج 6 ص 11، باب مرض النبي و وفاته، و ج 9 ص
137، و في بعض هذه الروايات، كما في البخاري ج 4 ص 85، باب هل يستشفع إلى أهل
الذمة و معاملتهم و ص 121 باب إخراج اليهود من جزيرة العرب، و ج 6 ص 11 باب مرض
النبي و وفاته.
جاءت الرواية بهذه العبارة:«
فقالوا: هجر رسول اللّه»؟، و« ما له أهجر»؟ و« ما شأنه أهجر استفهموه»»؟.
فترى أن نسبة الهجر إلى النبي( ص)
ثابتة، إلا أنهم يضعون بدلها كلمة: الوجع، حينما يعينون القائل، و هو عمر، تهذيبا
للعبارة، و تحفظا على شأن الخليفة. و يدل على ذلك:
ما أخرجه أبو بكر الجوهري في
كتابه« السقيفة»، كما في شرح النهج ج 2 ص 20، فقال عمر كلمة:« معناها الوجع»، و
أخرج أيضا أحمد بن حنبل في مسنده ج 3 ص 346، عن جابر:« أن النبي( ص) دعا عند موته
بصحيفة ليكتب كتابا لا يضلون بعده، فخالف عمر بن الخطاب حتى رفضها».
ما معنى هذا الاختلاف في الحديث؟
و ما معنى أنهم نقلوا العبارة بالمعنى، لا بعين لفظها؟، إذا عينوا القائل، و إذا
لم يصرحوا باسم المعارض يومئذ ينقلون المعارضة بعين لفظها؟، و لم يتفوه بذلك يومئذ
إلا الخليفة الثاني، و إن وجد قائل غيره فقد أخذه منه، كما يكشف عن ذلك ما رواه
البخاري في الصحيح ج 9 ص 137 في حديث:« و منهم من يقول: ما قال عمر»، و أخرج
الإمام الغزالي في كتابه:« سر العالمين»، في المقالة الرابعة، و سبط ابن الجوزي في
التذكرة ص 36:« و قال عمر: دعوا الرجل، فإنه ليهجر، حسبنا كتاب اللّه».
ألم يقرأ الخليفة قوله تعالى:« ما
ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى- 2- وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى 3- إِنْ هُوَ
إِلَّا وَحْيٌ يُوحى» النجم: 5؟. أ و لم يسمع شهادة رب العالمين بطهارته
في آية« التطهير»، عن كل ما يوجب شينا في قداسته و في روحه العظيم؟ .. أم أنه سمع
و وعى و لكن حليت الدنيا في عينه، و راقه زبرجها؟ ..
و كيف تجرأ هذه الجرأة، و نسب هذه
النسبة إلى الناطق بالوحي حين وصيته التي وعد أن تكون حاوية لما يكون به فلاح
الأمة، و عدم ضلالتهم إلى الأبد؟.، و لكنه سكت سكوتا مطبقا حين وصية أبي بكر
باستخلافه و هو في حالة الإغماء؟؟. حيث يروون:« أن أبا بكر أمر عثمان أن يكتب: أما
بعد، ثم أغمي عليه، فكتب عثمان: أما بعد، فقد استخلف عليكم عمر بن الخطاب، فاسمعوا
و أطيعوا»، و هذا متواتر، و استندوا في إثبات خلافته بذلك.-.- و كيف تفوه بقوله:«
حسبنا كتاب اللّه»، و لم يفهم هو و لا أبو بكر معنى كلمة الأب في قوله تعالى:« وَ
فاكِهَةً وَ أَبًّا» عبس: 31 مع كونهما قرشيين؟ إذن كيف يفسرون القرآن،
و يعلمونه الناس، و يحاولون توجيه الناس إلى حقائقه و معارفه و أحكامه ..
قال إبراهيم التميمي: سئل أبو بكر
الصديق رضي اللّه عنه عن الأب ما هو؟ فقال: أي سماء تظلني، و أي أرض تقلني إذا قلت
في كتاب اللّه تعالى ما لا أعلم.
و عن أنس: أن عمر رضي اللّه عنه
قرأ على المنبر:« فأنبتنا فيها حبا»، إلى قوله:« و أبا» فقال: كل هذا قد عرفناه،
فما الأب؟ ثم رفض عصا كانت في يده، فقال: هذا لعمر و اللّه هو التكلف، فما عليك يا
ابن أم عمر: أن لا تدري ما الأب؟ رواهما حفاظ الحديث.
( راجع: تفسير الآلوسي ج 28 ص 47،
و تفسير الخازن ج 4 ص 380، و الدر المنثور ج 6 ص 317).
نام کتاب : نهج الحق وكشف الصدق نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 273