[2] قال الحاكم في كتابه:« معرفة الحديث»( ط مصر)
ص 50: و قد تواترت الأخبار في التفاسير، عن عبد اللّه بن عباس و غيره: أن رسول
اللّه( ص) أخذ يوم( المباهلة) بيد علي، و حسن، و حسين، و جعلوا فاطمة وراءهم، ثم
قال( ص): هؤلاء أبناؤنا، و أنفسنا، و نساؤنا، فهلموا أنفسكم، و نساءكم، ثم نبتهل
فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين.
و من جملة مصادرها: صحيح مسلم ج 2
ص 108 باب فضائل علي( ع)، و الصواعق المحرقة ص 93، و مسند أحمد ج 1 ص 185، و صحيح
الترمذي ج 2 ص 66، و مستدرك الحاكم ج 3 ص 150، و سنن البيهقي ج 7 ص 73، و تفسير
الطبري ج 3 ص 213.
و في تفسير البيضاوي ج 2 ص 32،
بعد نقل مجيء أصحاب الكساء إلى المباهلة، قال:
فقال أسقفهم: يا معشر النصارى:
إني لأرى وجوها لو سألوا اللّه تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله، فلا تباهلوا
فتهلكوا .. إلى آخر ما قال، و روى ذلك الفخر في تفسيره ج 8 ص 80، و الكشاف ج 1 ص
193.
و قد أجمع أهل القبلة: على أن
الرسول لم يدع للمباهلة أي واحدة من النساء، بما فيهن أم هاني ذات الشأن و
المكانة، و غيرها من أزواج النبي، و نساء الخلفاء و المهاجرين و الأنصار سوى بضعته
الزهراء. و لم يدع من الأبناء كذلك إلا سبطيه الحسن، و الحسين، و من الرجال سوى
علي بن أبي طالب، مع وجود الخلفاء و سائر المهاجرين و الأنصار، و لم يجعل أحدا من
المسلمين شريكه في متن هدايته، و هذا هو منتهى التكريم لهؤلاء المصطفين من اللّه و
الرسول، و هذا مقام الأبرار لم يعطه اللّه و رسوله أحدا من المؤمنين سواهم، لأنه
لم يكن بين النساء من تجمع شرائط الهداية إلا الصديقة الطاهرة، و من الأبناء إلا
ريحانتا الرسول( ص)، الحسن و الحسين، و لم يكن من الرجال من نفسه كنفس النبي
الأعظم في هداية-.- الأمة، إلا علي أمير المؤمنين، و لذا قال الزمخشري في تفسير
الآية من كشافه ج 1 ص 193: و فيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء
عليهم السلام، و ذكر ذلك مسلما به ابن حجر في الصواعق ص 93.
و هذه الفضيلة نص قاطع بكون الحسن
و الحسين ابني الرسول( ص)، كما تواترت به الروايات عنه بهذه الحقيقة القرآنية. و
قال الفخر الرازي في تفسيره ج 8 ص 81: و مما يؤكد هذا قوله تعالى، في سورة
الأنعام( 84- 85):« وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ» إلى
قوله:« وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى»، و معلوم: أن عيسى( ع) إنما
انتسب إلى إبراهيم( ع) بالأم لا بالأب، فثبت أن ابن البنت قد يسمى ابنا.
و قال كمال الدين بن طلحة
الشافعي، المتوفى( 654)، في« مطالب السؤل» ص 16 بعد ذكر حديث الغدير، و نزول آية
التبليغ فيه:« فقوله( ص): من كنت مولاه فعلي مولاه. قد اشتمل على لفظ( من)، و هي
موضوعة للعموم، فاقتضى أن كل انسان كان رسول اللّه( ص) مولاه كان علي مولاه، و
اشتمل على لفظة( المولى)، و هي لفظة مستعملة بازاء معان متعددة قد ورد القرآن
الكريم بها، فتارة تكون بمعنى: الأولى، قال اللّه تعالى في حق المنافقين:« مَأْواكُمُ
النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ» معناه أولى بكم( ثم ذكر بعض معانيها إلى أن قال):
فإن عليا منه كذلك، و هذا صريح في تخصيصه لعلي( ع) بهذه المنقبة العلية، و جعله
كنفسه بالنسبة إلى من دخلت عليهم كلمة( من) التي هي للعموم بما لا يجعله لغيره.
و ليعلم أن هذا الحديث هو من
أسرار قوله تعالى: في آية المباهلة:( وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ)، و
المراد نفس علي على ما تقدم، فإن اللّه تعالى لما قرن بين نفس رسول اللّه( ص) و
بين نفس علي، و جمعها بضمير مضاف إلى رسول اللّه( ص)، أثبت رسول اللّه لنفس علي
بهذا الحديث ما هو ثابت لنفسه على المؤمنين عموما، فإنه أولى بالمؤمنين، و ناصر
المؤمنين، و سيد المؤمنين، و كل معنى أمكن إثباته مما يدل عليه لفظ المولى لرسول
اللّه فقد جعله لعلي( ع)، و هي مرتبة سامية، و منزلة سامقة، و درجة علية، و مكانة
رفيعة، خصصه بها دون غيره، فلهذا صار ذلك اليوم يوم عيده و موسم سرور لأوليائه.
و روى أبو نعيم في حلية الأولياء
ج 1 ص 66، بسنده: أن عليا دخل على رسول اللّه( ص) فقال( ص):( مرحبا بسيد المسلمين،
و إمام المتقين)، فسيادة المسلمين، و إمامة المتقين، لما كانت من صفات نفسه( ص)، و
قد عبر اللّه تعالى عن نفس علي بنفسه، و وصفه بما هو من صفاته.
أقول: و يعلم مما تقدم أن محبة
النبي( ص) لعلي، و فاطمة، و الحسنين، و اختياره لهم-.- عن غيرهم، ليس بدافع من
الغريزة الإنسانية، الموجودة في كل أحد، كما زعمه الزمخشري و غيره، في تفسير الآية
بل هو يحب الناس بمقدار ما يرتبط أولئك الناس بتعاليم نبوته و رسالته، كما قال علي
بن الحسين( ع) في دعائه في الصلاة على رسول اللّه،( الدعاء الثاني في الصحيفة
السجادية): قطع في إحياء دينك رحمه، و أقصى الأدنين على جحودهم، و قرب الأقصين على
استجابتهم لك، و والى فيك الأبعدين، و عادى فيك الأقربين، و أدأب نفسه في تبليغ
رسالتك( الدعاء).
نام کتاب : نهج الحق وكشف الصدق نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 177