______________________________
-
و كفاك هذا برهانا على أنهم أفضل من في الأرض يومئذ، و لم يكن غيرهم حائزا على هذه
الفضيلة الإلهية، لا من بني عبد المطلب (كما اعترف ابن عباس من أنها نزلت في أصحاب
الكساء) و لا من أمهات المؤمنين من أزواج النبي (ص)، بدليلين واضحين.
الأول: إعلامهن بأن
اللّه لم يرزقهن هذه الفضيلة الكبرى .. قالت أم سلمة: قلت: و أنا معهم يا رسول
اللّه، ما أنا من أهل البيت" قال: إنك على خير، و هؤلاء أهل بيتي، إنك من
أزواج النبي. و في رواية عمرة الهمدانية، كما في مشكل الآثار ج 1 ص 336:
قالت أم سلمة: فوددت
أنه قال نعم، فكان أحب إلي مما تطلع الشمس و تغرب (راجع ما قدمناه آنفا من
المصادر، و مستدرك الحاكم ج 2 ص 416، و سنن البيهقي ج 2 ص 150، و تاريخ بغداد ج 9
ص 126، و ذخائر العقبى ص 21 و غيرها.
و قالت عائشة: قلت: يا
رسول اللّه، ألست من أهلك؟ قال: إنك على خير. و في بعض الروايات قال: تنحي، فانك
إلى خير (راجع المصادر المتقدمة، و فرائد السمطين، و كفاية الطالب ص 323، و تفسير
ابن كثير ج 3 ص 485، و هكذا روى الحسكاني عن أم المؤمنين زينب في شواهد التنزيل.
و تذكير ضمير (عنكم)،
و ما بعده في الآية الكريمة دليل واضح على عدم شمولها لأمهات المؤمنين، كما اعترف
به ابن حجر في الصواعق، و غيره من الأعلام.
و وقوعها بين آيات
أزواج النبي إنما هو من باب الاستطراد و الاعتراض، و هذا من خواص كلام البليغ، كما
هو دأب القرآن الكريم في آيات أخر، فتدبر في القرآن، فان التدبر فيه يجلي البصر، و
يصفي الرأي.
الثاني: دلالة الآية
على عصمة الخمسة، لأنها صدرت بأداة الحصر، و هي كلمة:
إنما، و تعلق إرادته
تعالى بالتطهير و بإذهاب الرجس، و هو فعله تعالى يدل على أن الإرادة تكوينية على ما
ثبت في محله، و متعلق التطهير و هو «الرجس» مطلق محلى بألف و لام الجنس، فالآية
الشريفة تعلن نفي ماهية الرجس بنحو العام الاستيعابي المجموعي عن أهل البيت
المذكورين فيها.
و معنى الرجس: على ما
في النهاية لابن الأثير و غيره، و من موارد استعمالها في آيات أخر هو: كل ما يوجب
نقصا في الروح، و اضطرابا في الرأي.
و من المعلوم أن
المعصية، و السهو، و الخطأ، و النسيان، من الرجس أيضا ... و يعبر عنه بالفارسية: ب
(بليدي)، فعلى هذا تكون الآية من أدلة العصمة و مضادة للآيات المربوطة بأمهات
المؤمنين.
نام کتاب : نهج الحق وكشف الصدق نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 174