responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نهج الحق وكشف الصدق نویسنده : العلامة الحلي    جلد : 1  صفحه : 165

فأي عاقل يرضى لنفسه الانقياد الديني و التقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامر من كان يفسق طول وقته و هو غائص في القيادة و أنواع الفواحش و يعرض عن المطيعين المبالغين في الزهد و العبادة و قد أنكر الله تعالى ذلك بقوله‌ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ‌ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ‌[1].


[1] الزمر: 9 قال ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 11: أخرج البغوي، بسند حسن، عن عبد اللّه بن عمر، قال: سمعت رسول اللّه( ص) يقول:« يكون خلفي اثنا عشر خليفة، أبو بكر لا يلبث إلا قليلا، قال الأئمة صدر هذا الحديث مجمع على صحته». انتهى.

أقول: فعلى هذا يكون ذيله ملحقا و مجعولا، إلا أن أحاديث:« إن خلفائي اثنا عشر»، عن الرسول الأعظم( ص)، غير قابلة للترديد عند فرق المسلمين.

و قد حاول علماء أهل السنة توجيهها و تأويلها، فقال ابن حجر: قال القاضي عياض:

لعل المراد ب:( اثنا عشر) في هذه الأحاديث، و ما شابهها: أنهم يكونون في مدة عزة الخلافة، و قوة الإسلام، و استقامة اموره، و الاجتماع على من يقوم بالخلافة. و قد وجد هذا فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن اضطرب أمر بني أمية، و وقعت بينهم الفتنة زمن وليد بن يزيد.

و قال: قال شيخ الإسلام في فتح الباري: كلام القاضي هذا أحسن ما قيل في هذا الحديث، و أرجحه، لتأييده بقوله في بعض طرقه الصحيحة( كلهم مجتمع عليه الناس) و المراد باجتماعهم: انقيادهم لبيعته. و الذي اجتمعوا عليه: الخلفاء الثلاثة، ثم علي .. إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين، فتسمى معاوية يومئذ بالخلافة، ثم اجتمعوا عليه عند صلح الحسن، ثم على ولده يزيد، ثم اجتمعوا على عبد الملك، ثم على أولاده الأربعة الوليد، فسليمان، فيزيد، فهشام، فهؤلاء سبعة( معاوية و من بعده) بعد الخلفاء الراشدين، و الثاني عشر: الوليد بن يزيد بن عبد الملك( الصواعق المحرقة ص 12 باختصار).

و قال ابن حجر:« اعلم أن أهل السنة اختلفوا في تكفير يزيد بن معاوية، و ولي عهده من بعده، فقالت طائفة: إنه كافر لما هو المشهور: أنه لما جاءه رأس الحسين( ع) جمع أهل الشام، و جعل ينكت رأسه بالخيزران، و ينشد أبيات ابن الزبعري: ليت أشياخي ببدر شهدوا ... الأبيات المعروفة، و زاد فيها بيتين مشتملين على صريح الكفر ..( إلى أن قال) فلا نتعرض لتكفيره أصلا، لأن هذا هو الأحرى و الأسلم. و القول بأنه مسلم، فهو فاسق شرير، سكير، جائر».( الصواعق ص 131 و 132).- بل إمامة الفاسق الجائر كادت أن تكون من أصول مسألة الإمامة عند أهل السنة، كما قال الباقلاني في( التمهيد ص 186):« قال الجمهور من أهل الاثبات، و أصحاب الحديث: لا ينخلع الإمام بفسقه و ظلمه، بغصب الأموال، و ضرب الأبشار، و تناول النفوس المحرمة، و تضييع الحقوق، و تعطيل الحدود، و لا يجب الخروج عليه ... إلى آخر ما قال».

و قريب منه ما قاله التفتازاني في شرح المقاصد ج 2 ص 71 و 272، و ما قاله النووي في شرح مسلم، هامش إرشاد الساري ج 8 ص 36.( و ليراجع: الغدير ج 7 ص 136 و 139).

و قد صرح مشاهير علماء أهل السنة، في تفسير الآية الكريمة:« وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ، وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً»( الإسراء: 60)- صرحوا-: يقول الرسول الأعظم( ص): أن المراد من قوله تعالى:« وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ» هو بنو أمية، ذكره السيوطي في تفسيره ج 4 ص 191، و الحلبي في سيرته ج 1 ص 217، و في هامشه زيني دحلان في السيرة النبوية ج 1 ص 226، و القرطبي في تفسيره ج 10 ص 186، و الآلوسي في تفسيره ج 15 ص 107، و قال ما معناه:« و معنى جعل ذلك فتنة للناس: جعله بلاء لهم و مختبرا، و بذلك فسره ابن المسيب و لعل هذا الاختبار و الابتلاء كان بالنسبة إلى خلفائهم بني أمية الذين فعلوا ما فعلوا، و عدلوا عن سنن الحق، و ما عدلوا ... ثم عقبه بذكر من عد الخلفاء ممن كان من أعوانهم، المرتكبين لأعظم الخبائث و المنكرات.

و يحتمل أن يكون المراد: ما جعلنا خلافتهم أو ما جعلناهم أنفسهم إلا فتنة، و فيه من المبالغة في ذمهم ما لا يخفى، و جعل ضمير« نخوفهم» على هذا لمن كان منهم له أولاد منهم و عم التعبير الشجرة: باعتبار أن المراد بها بنو أمية، و قد لعنهم لما صدر منهم من استباحة الدماء المعصومة، و الفروج المحصنة، و أخذ الأموال من غير حلها، و منع الحقوق عن أهلها، و تبديل الأحكام، و الحكم بغير ما أنزل اللّه تبارك و تعالى على نبيه عليه الصلاة و السلام، إلى غير ذلك من القبائح العظام، و المخازي الجسام، التي لا تكاد تنسى، ما دامت الليالي و الأيام.

و جاء لعنهم في القرآن، إما على الخصوص كما زعمه الشيعة، أو على العموم كما نقول، فقد قال سبحانه و تعالى:« إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ»-.- و قال عز و جل:« فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ، وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ.

أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‌ أَبْصارَهُمْ»، و غير ذلك من الآيات.

و دخولهم في عموم ذلك يكون دخولا أوليا» انتهى كلام الآلوسي، فراجع روح البيان.

و قال الحافظ سليمان القندوزي الحنفي، في كتابه( ينابيع المودة) ص 446 طبع استانبول سنة( 1302):« قال بعض المحققين: إن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلى اللّه عليه و آله و سلم اثنا عشر، قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان، و تعرف الكون و المكان، علم أن مراد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم من حديثه هذا: الأئمة الإثنا عشر من أهل بيته و عترته، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه، لقلتهم عن اثني عشر( و هم أربعة) و لا يمكن أن يحمله على ملوك الأموية، لزيادتهم على اثني عشر( و هم ثلاثة عشر)، و لظلمهم الفاحش، إلا عمر بن عبد العزيز و لكونهم غير بني هاشم، لأن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم قال:« كلهم من بني هاشم» في رواية عبد الملك عن جابر. و إخفاء صوته( ص) في هذا القول يرجح هذه الرواية، لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم، و لا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية، لزيادتهم( و هم خمسة و ثلاثون) على العدد المذكور، و لقلة رعايتهم الآية:« قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‌»، و حديث الكساء، فلا بد من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته و عترته( ص)، لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم، و أجلهم، و أورعهم، و أتقاهم، و أعلاهم نسبا، و أفضلهم حسبا، و أكرمهم عند اللّه، و كان علمهم عن آبائهم متصلا بجدهم صلى اللّه عليه( و آله) و سلم، و بالوراثة و اللدنية، كذا عرفهم أهل العلم و التحقيق، و أهل الكشف و التوفيق. و يؤيد هذا المعنى: أي مراد النبي( ص): الأئمة اثنا عشر من أهل بيته، و يشهده، و يرجحه،« حديث الثقلين»، و الأحاديث المتكثرة المذكورة في هذا الكتاب و غيرها، و أما قوله( ص): كلهم يجتمع عليه الأمة في رواية جابر بن سمرة، فمراده( ص): أن الأئمة يجتمع على الإقرار بإمامة كلهم وقت ظهور قائمهم المهدي رضي اللّه عنهم.

و روي في ذلك الكتاب ص 445 عن ابن عباس، قال: سمعت رسول اللّه( ص) يقول:

أنا، و علي، و الحسن، و الحسين، و تسعة من ولد الحسين، مطهرون معصومون.

و قال: و أيضا أخرجه الحمويني.

و قال تعالى:« أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى‌ فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» يونس 35

و إن إجماع الأمة على إمامتهم، و غلبة الدين على الأديان الباطلة، من الأمور التي وعد اللّه-.- بها، و اللّه لا يخلف الميعاد، قال تعالى:« يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ، وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ( 8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‌ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» الصف: 9.

نام کتاب : نهج الحق وكشف الصدق نویسنده : العلامة الحلي    جلد : 1  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست