قال ابن عباس : لئن قلت ذلك يا معاوية ،
لطالما أنكرتم ضوء البدور ، وشعاع النور ، وسميتم كتاب الله بيننا أسطوراً ، ومحمداً
صلى الله عليه وآله وسلم ساحراً وصنبوراً [١]
، ولقول القائل : تلقفّوها يا بني أمية تلقف الكرة لا بعث ولا نشور ، وتنسموا نسيم
هذا الروح فما بعده أو بَة ولا كرور ، وكان لعمر الله القطب الذي عليه رحى الضلالة
تدور.
فغضب معاوية وقال : يابن عباس أربع على
نفسك ، ولا تقس يومك بأمسك ، هيهات ، صرّح الحق عن محضه ، وزهق الباطل عن دحضه ، أمّا
إذا أبيت فأنا كنت أحق بالأمر من ابن عمك.
قال ابن عباس : ولم ذاك؟ وعليّ كان
مؤمناً وكنتَ كافراً؟ وكان مهاجراً وكنت طليقاً؟
قال : لا ، ولكني ابن عم عثمان.
قال : فإنّ ابن عم رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم خير من ابن عم عثمان.
قال : إنّ عثمان كان خيراً من عليّ
وأطيب.
قال ابن عباس : كلا ، عليّ أزكى منه
وأطهر ، وأعرف في ملكوت السماوات وأشهر ، أتقرن يا معاوية رجلاً غاب عن بدر ولم
يشهد بيعة الرضوان ، وفرّ يوم التقى الجمعان ، ابن مخنث قريش ، الذي لم يسلّ سيفاً
، ولم يدفع عن نفسه ضيماً إلى قريع العرب وفارسها ، وسيف النبوة
[١] صنبور : الرجل
الضعيف الذليل بلا أهل ولا عقب ولا ناصر ، وكان كفار قريش يقولون محمد صنبور ،
انظر اللسان وتاج العروس مادة صنبر.