هذا موضوع استجدّ عندي بحثه بعد أن قرأت
قريباً كتاب ( عائشة والسياسة ) لسعيد الأفغاني الشامي ، والرجل معروف من خلال
كتابه ( الإسلام والمرأة ) ومعنّي بعائشة خاصة من خلال تحقيقه لكتاب ( الإجابة
فيما استدركته عائشة على الصحابة ) للزركشي وقد طبعه بدمشق سنة ١٣٥٨ هـ ، وتصاعدت
حمّى الهيام بها فأخرج كتابه ( عائشة والسياسة ) وطبعه بالقاهرة سنة ١٩٤٧ م.
فقرأته من ألفه إلى يائه ـ كما يقولون ـ فرأيته في المقدمة ينأى بنفسه عن التقليد ،
ويزعم لنفسه ( التحرّر من كثير من الآراء والمذاهب التاريخية التي يتعبد بها بعض
الباحثين لعصرنا ... ) [١].
وقال : ( وعلى هذا فلست إذن متبعاً
مذهباً ما ، ولن أخضع الحوادث لتفسير ما فأكلّف الأشياء غير طبائعها ، فلا أقول
بالعلّية التاريخية المطردة ، ولا أقرّ ( الجبرية ) في التاريخ ، وأجد أبعد
المذاهب عن الواقع وأنآها عن الحقّ والفطرة : مذهب التفسير المادي للتاريخ ... ).
وهذا نهج جيّد لو استقام على الطريقة ، ويستحق
الإجادة حين رأيته ، قال : ( وأحبّ أن أنبّه هنا إلى خطأ يوقع كثيراً من الباحثين
في القصور ، ذلك أنّهم يكتفون في بحوثهم في التاريخ العربي بالمصادر التاريخية
فحسب ، فتجيء بحوثهم على ضلع ، ما تكاد تستقل واقفة ، وكم من حقائق تاريخية خلت
منها مصادر التاريخ وزخرت بها كتب الأدب ودواوين