يسأله فيها الخروج
إلى ماله بينبع ليقل هتف الناس بأسمه للخلافة ، بعد أن كان سأله مثل ذلك من قبل.
فقال عليه السلام : يا بن عباس ما يريد
عثمان إلاّ أن يجعلني جملاً ناضحاً بالغَرب ، أقبل وأدبر ، بعث إليَّ أن أخرج ، ثمّ
بعث إليَّ أن أقدم ، ثمّ هو الآن يبعث إليَّ أن أخرج ، والله لقد دفعت عنه حتى
خشيت أن أكون آثماً ) [١].
المحاورة
السادسة :
سأل عثمان عبد الله بن عباس عن رأيه فيه
، فقال له :
( يا بن عمي ويابن خالي إنّه لم يبلغني
في أمري شيء أحبه ولا أكرهه ، عليّ ولا لي ، وقد علمتُ أنّك رأيت بعض ما رأى الناس
، فمنعك عقلك وحلمك من أن تظهر ما أظهروا ، وقد أحببت أن تعلمني رأيك فيما بيني
وبينك؟
فاعتذر ابن عباس ، فأبى عثمان عليه إلاّ
أن يقول.
فقال : يا أمير المؤمنين إنّك ابتليتني
بعد العافية ، وأدخلتني في الضيق بعد السعة ، والله إنّ رأيي لك أن يُجلّ سنّك ، ويُعرَف
قدرَك وسابقتُك ، والله لوددت أنّك لم تفعل ما فعلتَه. فما ترك الخليفتان قبلك.
فإن كان شيئاً تركاه لما رأيا أنّه ليس لهما ، علمتَ أنه ليس لك كما لم يكن لهما ،
وإن كان ذلك لهما فتركاه خيفة أن ينال منهما مثل الذي نَيل منك ، تركتَه لما تركاه
له ، ولم يكونا أحق بإكرام أنفسهما منك.
[١] أنظر شرح النهج
لابن أبي الحديد ٣ / ٢٨٢ ط مصر الأولى.