قال : يوم دخلت عليه منصرفه عن الجمعة
وليس عنده غيرك ، وقد ألقى ثيابه وقعد في فضله ، فقبّلت صدره ونحره وجبهته ، فقال
: يا عمّار إنّك لتحبّنا وإنّا لنحبّك ، وإنّك لمن الأعوان على الخير المثبّطين عن
الشرّ.
فقال عثمان : أجل ولكنّك غيّرت وبدّلت.
قال : فرفع عمّار يده يدعو ، وقال : أمّن
يا بن عباس : اللّهم مَن غيّر فغيّر به .. ثلاث مرات.
قال : ودخلنا المسجد ، فأهوى عمّار إلى
مصلاه ومضيت مع عثمان إلى القبلة ، فدخل المحراب وقال : تلبث عليّ إذا أنصرفنا ..
فلمّا رآني عمّار وحدي أتاني ، فقال : أما رأيت ما بلغ بي آنفاً.
قلت : أما والله لقد أصعبتَ به وأصعب بك
، وإنّ له لسنّه وفضله وقرابته.
قال : إنّ له ذلك ، ولكن لا حقّ لمن لا
حقّ عليه. وانصرف.
وصلّى عثمان وأنصرفت معه يتوكأ عليَّ.
فقال : هل سمعت ما قال عمّار؟
قلت : نعم ، فسرّني ذلك وساءني ، أمّا
مساءته إياي فما بلغ بك ، وأمّا مسرّته لي فحملك واحتمالك.
فقال : إنّ عليّاً فارقني منذ أيام على
المقاربة ، وأنّ عماراً آتيه فقائل له وقائل ، فأبدره إليه فإنّك أوثق عنده منه
وأصدق قولاً ، فألق الأمر إليه على وجهه.