وقال أيضاً : ( والسياسة المالية التي
أصطنعها عثمان منذ نهض بالخلافة كلّها موضوع النقمة والإنكار من أكثر الذين عاصروا
عثمان ، ومن أكثر الرواة والمؤرخين ... ).
وقال أيضاً : ( ولو سار عثمان في
الأموال العامّة سيرة عمر فلم ينفق المال إلاّ بحقه ، لجنّب نفسه وجنّب المسلمين
شراً عظيماً ، ولكان من الممكن أن ينشئ الإسلام للإنسانية نظاماً سياسياً
وإجتماعياً صالحاً يجنبّها كثيراً من الإضطراب الذي اضطرت إليه ، والفساد الذي
تورطت فيه ... ) [١].
أقول
: وعلى نحو ما مرّ من أقوال طه حسين نجد
أقوال آخرين من الباحثين المحدثين ، ولا بدع لو التقت أراؤهم في نقد أفعاله
وأختلفت أقوالهم في توجيه سياسته والتي رأوها جميعاً سياسية أموية رعناء جلبت له
وللأمة كثيراً من الشر ، وكثرّت عليه أسباب النقمة ، بداية من المسلمين الصحابة في
المدينة ، وسرعان ما أستطار شررها إلى بقية الأمصار ، فكثرت وفود الساخطين من
العراق ومصر وغيرهما والتقوا بالصحابة فتفاقم الخطب.
وكانت شدّة المحنة والمعاناة عندما فزع
الثوار إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يشكون حالهم ، فيسارع هو إلى عثمان
ناصحاً في محاولات إصلاح بين الطرفين ، لكن عثمان لم يستجب للنصح ، بل وزاد في
تعقيد الأمور إتهامه الإمام عليه السلام ما دام كثير من الثوار اتخذوه لجأً ، يرجون
إغاثتهم