فقال عمر : إليك عني يا بن عباس ، قم
الآن فارجع إلى منزلك.
فقال ابن عباس : فقلت أفعل ، فلما ذهبت
لأقوم استحيى مني ، فقال : يا ابن عباس مكانك أيّها المنصرف إنّي على ما كان منك ،
فوا الله إنّي لراع لحقك ، محبّ لما سرّك.
فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين إنّ
لي عليك وعلى كلّ مسلم ( مؤمن ) حقاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فمن
حفظه فحق نفسه حفظ ، وحظّه أصاب ، ومن أضاعه فحق نفسه أضاع ، وحظّه أخطأ. ثم قام
ابن عباس فمضى.
فقال عمر لجلسائه : ( لله درّ ابن عباس
) [١] واهاً لابن
عباس والله ما رأيته لاحى أحداً قط إلاّ خصمه ).
١١
ـ ( إنّا أنزل علينا القرآن ).
ذكر الغزالي في كتابه ( مقامات العلماء
بين يدي الخلفاء ) :
( روى إبراهيم التيمي ، عن عبد الله بن
عمر ، قال : خلا عمر ذات يوم فجعل يحدّث نفسه ، اتختلف هذه الأمة ونبيّها واحد
وقبلتها واحدة؟
فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين إنّا
أنزل علينا القرآن ، وعلمنا فيمن نزل ، فإنّه سيكون بعدنا أقوام يقرؤن القرآن
ولايدرون فيمن نزل ، فيكون فيه رأي ، وإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا فإذا اختلفوا
اقتتلوا.