responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : من حياة الخليفة أبي بكر نویسنده : العلامة الأميني    جلد : 1  صفحه : 187
وهو لا يعرف الرجل ولم يخش من الفضيحة، ولماذا أوقفه على أمر أبيه وعواره وقد كان يستخفيه ويظهر للناس موته؟

وأنى يصدق بأن رجلا قطع لسانه دون مبدئه وحبه لخليفته قد استخفى قصته، وما أشاع بها، وما صاح وما باح بمظلمته، وما أبان أمره عند قومه، وما أفاض عن شأنه بكلمة، ولا يمم قاضيا ولا حاكما ولا الدوائر الحكومية الصالحة للنظر في مظلمته من عدلية أو دائرة شرطة، وعقيرته مرفوعة من شدة الألم، ولم يزل القوم يتربص الدوائر على الشيعة، ويختلق عليهم طامات كهذه.

وأنى يصدق أنه لما خرج من دار من جنى عليه وهو مقصوص اللسان وقد ملأ فمه دمه، ولاذ بالحجرة الشريفة باكيا قلقا من شدة الألم، ما باه له أي أحد، وما عرفت مع هذه كلها من أمره قذ عملة، ولا تنبه لأمره سدنة الحضرة الشريفة؟

وما بال الرجل لم يمط الستر في وقته عن جناية عدو خليفته، ولم يفش سره، ولم يعلن كرامة الصديق، ولم يفضح عدوه، ولم يعرب عن هذه المكرمة الغالية، ولم يقرط الآذان بسماعها، وينبس أمره ولم ينبشه، كأن لسانه بعد مقطوع، وأنه لم يجده في فيه صحيحا؟ أو رضي بأن يفشفش [1] بعده أعلام قومه؟

وإن تعجب فعجب عود هذا الشحاذ الجرئ إلى سؤاله مرة ثانية في سنته القابلة بعد أن رأى ما رأى قبل أن أعوم، ووقوفه في ذلك الموقف الخطر في قبة العباس يوم عاشوراء، ومضيه من دون أي تحاش إلى تلك الدار التي وقعت فيها واقعته الخطرة الهائلة، ودخوله فيها رابطا جأشه، وإلقاءه نفسه إلى التهلكة، ولم يكن يعرف شيئا من قصة الشيعي ومسخه، ولا من حنو الشاب وعطفه، وقد قال الله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.

ولعله كان في هذه كلها على ثقة وطمأنينة من أنه قط لا يبقى بلا لسان، وأن لسانه مهما قطع يرد إليه كما كان من بركة الخليفة، وهو في حسبانه هذا وقدومه إلى المهالك مجتهد وله أجره وإن أخطأ كاجتهاد سلفه.


[1]فشفش: أفرط في الكذب، وانتحل ما لغيره

نام کتاب : من حياة الخليفة أبي بكر نویسنده : العلامة الأميني    جلد : 1  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست