نام کتاب : معراج الهداية نویسنده : سعيد يعقوب جلد : 1 صفحه : 50
تبلغ قيمة هذه
التراكمات الاعتبارية أن تصبح جملة من النظم والقوانين والمفاهيم ، وربما العادات
التي تصير في معظم الأحيان إلى المكان المقدس الذي يصعب على النفس تنقية أطرافها
منها ، لصعوبة اختراقها بعد وصولها إلى هذه المرتبة من القداسة.
لهذا نجد أنّ القرآن الكريم لا يلمح
بإشارات عابرة إلى مثل هذه الظاهرة ، وإنّما يتحدث عن معتقدات اختلقها الناس
اختلاقاً ما أنزل الله بها من سلطان ، ثم راحت الأجيال تتوارثها كابراً عن كابر ،
سواء كانت من ذلك الذي يتوافق مع أهوائهم أم تلك التي تخالفها.
وفي نظر الإسلام بملاحظة الموقف القرآني
من هذا المشهد ، فإنه يشكل أكبر العوائق التي تقطع الطريق على الصفاء الذي يقود
نحو منازل رفيعة يطلبها ، بل يرجوها الأنبياء للناس ، ومثالاً لنا على ذلك : قوله
تعالى ( حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا )[١]
، وهو على لسان أولئك الذين صنع لهم آباؤهم من خلال مواءماتهم مع متطلبات ورغائب
تلزمهم في سير أو منحى معين ، صنعوا لهم قيماً وأنظمة بلغت مراتب اعتقدوا أنها هي
الدين الذي لا ينبغي الحيد عنه ، أو الافتراق منه ، فلم يمكنهم هذا الإدراك من
تجاوزها أو صياغة تحوير آخر لها يساعدهم على السير باتجاه مناطق أخرى من الفكر ،
تخوّلهم الاستجابة لما هو أكثر موضوعية وعلمية منه.