وعلينا أن نقف عند هذه الجملة هنا
لأهميتها ، فهي تشير بوضوح إلى أنّ المعرفة بذاتها على درجات ، ولسنا هنا بهذا
الصدد ، وإنّما نلفت إلى أمر آخر ، وهو أنّ الإمام علي عليهالسلام ، عندما قال : «
أوّل الدين » ، لم يقصد به فقط الدين الإسلامي الحنيف ، وإن كان هذا الأمر مقصوداً
بلا شك ، لكننا نستفيد هنا من إطلاقه لكلمة الدين أنّه يشير إلى ذاك الجانب من ذات
الإنسان الذي يبعث له تلك الحاجة ، ويسوقه نحو التعلق.
وهذا ما قلناه عن ( غريزة التدين عند
الإنسان ) ، وهذه المرتبة الابتدائية التي يحققها المرء بعد التجرّد الأوّلي ، ثم
تليها المراتب التي يشير إليها عليهالسلام
تتابعياً : « وكمال معرفته التصديق به » [٢]
، وهي المسيرة التي يقطعها الباحث متدرجاً في إزاحة العوائق والحجب.
وإذا أردنا أن نلاحظ عن كثب الكيفية
التي يتناول فيها هذه المراتب ، سنجده يوصل مراحل التطور البشري بعضها بالبعض
الآخر ، وقبل أن نقف على هذه الحقائق التي سوف نفرد لها مكاناً من هذا الكتاب ،
نود أن ننجز ما نمهّد به نظرياً لذلك.
والذي يبتدئ من هنا ، هو بلوغ منطق
الميل الذي يحفز قلب