الكفر من إيمانكم ، وأنتم بين صريع في المحراب قد فلق السيف هامته ، وشهيد فوق الجنازة قد شُكَّت بالسهام أكفانه ، وقتيل بالعراء قد رفع فوق القناة رأسه ، ومكبَّل في السجن رُضَّت بالحديد أعضاؤه ، ومسموم قد قطِّعت بجرع السمِّ أمعاؤه ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ولا حوله ولا قوّة إلاَّ بالله العليِّ العظيم ، ولله درّ الشيخ عبدالحسين الحياوي إذ يقول :
روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة عن ابن عباس قال : كنت مع أمير المؤمنين(عليه السلام) في خرجته إلى صفين ، فلمَّا نزل بنينوى وهو بشط الفرات قال بأعلى صوته : يا ابن عباس ، أتعرف هذا الموضع؟ قلت له : ما أعرفه يا أمير المؤمنين ، فقال(عليه السلام) : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي .
قال : فبكى طويلا حتى اخضلّت لحيته ، وسالت الدموع على صدره ، وبكينا معاً وهو يقول : أوه أوه ، مالي ولآل أبي سفيان؟ مالي ولآل حرب حزب الشيطان وأولياء الكفر؟ صبراً يا أبا عبدالله ، فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم .
ثمَّ دعا بماء فتوضَّأ وضوء الصلاة ، فصلَّى ما شاء الله أن يصلي ، ثمَّ ذكر نحو كلامه الأول إلاَّ أنه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه ساعة ، ثمَّ انتبه فقال : يا ابن عباس ، فقلت : ها أنا ذا ، فقال : ألا أحدِّثك بما رأيت في منامي آنفاً عند رقدتي؟ فقلت : نامت عيناك ورأيت خيراً يا أمير المؤمنين .
قال : رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء ، معهم أعلام بيض ، قد تقلَّدوا