أن يقول للناس من أنّه بشر مثله : (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ) ، لكن الفارق قد ذكره تعالىٰ أيضاً بعد أمره بقوله هذا إذ قال تعالىٰ : (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ)[١] فالوحي الالهي له مكانه الخاص به ، وبهذا افترق هذا البشر عن غيره ، إذ قال تعالىٰ : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)[٢]. وبيّن طاقة هذا البشر بقوله تعالىٰ : ( لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللهِ)[٣].
ولذا وردت الرواية علىٰ لسان عبدالله بن عمرو بن العاص أنه قال : ( كنت أكتب كلّ شيء اسمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أريد حفظه ، فنهتني قريش وقالوا : تكتب كلّ شيء سمعته من رسول الله ، ورسول الله بشر يتكلّم في الغضب والرضىٰ ؟! فأمسكت عن الكتابة.
فذكرت ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأومأ باصبعه إلىٰ فيه ، وقال : « اكتب فو الذي نفسي بيده ، ما يخرج منه إلاّ حق »[٤].
[١] سورة الكهف : ١٨ / ١١٠.[٢] سورة الأنعام : ٦ / ١٢٤. [٣] سورة الحشر : ٥٩ / ٢١. [٤] سنن أبي داود ٣ : ٣٤٢. واُنظر أيضاً : مسند أحمد بن حنبل ٢ : ٢١٥ عن طريقين. المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ : ٥٢٨.