فائدة لأن الرضا من الجماعة يقتضي صحة ذلك العقد المتقدم ولا يحتاج
معه إلى استيناف عقد جديد وهذا يقتضي أن وجوده بخلاف عدمه، فأما
التعلق بأنه من فروض الكفايات فيمكن أن يقال: إنه منها بهذا الشرط
لأن عقد النفر للإمامة من رضى الجميع يكون ماضيا ولا يحتاج كل واحد
إلى أن يعقد بنفسه وبعد فإن كان معنى فروض الكفاية هو ما فسروه فلمن
خالفه أن يقول له ليس له عقد الإمامة من فروض الكفايات.
فأما قوله: (لو وجب اعتبار الإجماع لكان موت بعض من يدخل
في الإجماع في حال البيعة يقدح في تمامها وصحتها وإن اتفق الباقون
عليها) [1] فواضح البطلان لأن الإجماع إذا كان المعتبر منه باهل العصر، لم
يكن موت من دخل فيه مخلا بالاجماع، ولا مخرجا لاتفاق الباقين من أن
يكون إجماعا، وهذا المعنى لو قدح في اعتبار الإجماع في باب الإمامة لقدح
في اعتباره في كل موضع،
ثم وجدنا صاحب الكتاب في هذا الفصل لما حكى اعتراض من
اعترض بخلاف معاوية، ومن كان معه في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام
اعتمد على سب معاوية ورجمه بالكفر والفسق جملة بغير تفصيل، وإنه
مبغض للحسن والحسين عليهما السلام وأن الرسول قال: (من أبغضهما
أبغضته ومن أبغضته أبغضه الله [2]) وبأنه كان يبغض أمير المؤمنين عليه
السلام وقد شهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن بغضه نفاق [3] وذكر ما
[2]روي هذا الحديث بطرق متعددة، ووجوه مختلفة ولكنها لا تخرج عما نقله
المرتضى عن القاضي (انظر مسند أحمد 2 / 288، وكنز العمال، عن ابن أبي شيبة
والطبراني، والخطيب 1 / 288).
[3]حديث (لا يحب عليا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق) رواه مسلم في كتاب
الإيمان من صحيحه 1 / 47 باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنه من
الإيمان، والترمذي 2 / 301 والمتقي في الكنز 6 / 394 وقال أخرجه الحميدي وابن
أبي شيبة وأحمد بن حنبل والعدني والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان وأبو نعيم
وابن أبي عاصم.