نام کتاب : دور العقيدة في بناء الإنسان نویسنده : ذهبيات، عباس جلد : 1 صفحه : 26
فبينما كان يؤكد افتقارهم إلى أدنى حجّة ذات قيمة في ما يعتقدون من عبادة الأوثان والعقائد الزائفة ، ركّز على أنَّ كلّ ما يمتلكونه من حجّة هو أنّهم وجدوا آباءهم على ذلك ، فتمسّكوا به .. « بَل قالُوا إنّا وجَدَنا آباءَنا على أُمّةٍ وإنَّا على آثارِهِم مُهتَدُون »[١].
ثم يؤكد أنّ هذا هو ديدن هذا الصنف من الناس الذي أغلق على ذهنه المنافذ .. ( وكذَلِكَ ما أرسلنَا مِنْ قَبلِكَ في قَرَيةٍ مِنْ نَذِيرٍ إلاّ قالَ مُترفُوها إنّا وجدَنا آباءَنا على أُمّةٍ وإنّا على آثارِهِم مُقتَدُون )[٢]. وهكذا يسوق مقولتهم هذه مرتين في آيتين متتابعتين ليجسّد ما تنطوي عليه هذه المقولة من تهافت ، وما يغيب فيه هؤلاء من جهل متجذّر موروث لا يصغي لدعوة حق ولا لبرهان ساطع بل ليس لديهم أكثر من ترديد مقولتهم تلك (أجِئتَنا لتَلفِتنا عمّا وجَدنا عليهِ آباءَنَا)[٣]؟! حتى لو جاءهم متحديا لما وجدوا عليه آباءهم مبيّنا فساده .. (قال أوَلو جِئتُكُم بأهدى ممَّا وجدتُم عليهِ آباءَكُم)؟ حتى مع مثل هذه الاستثارة لا يبحثون عن برهان ، ولا يفتحون نافذة للنظرة ، بل وقفوا دائما بتحجرّهم الأوّل ، و (قالُوا إنّا بِما أُرسِلتُم بهِ كافِرُونَ)[٤] ، و (قَالُوا حَسبُنَا ما وَجَدنَا عَليه آباءَنا)[٥]!! ويكرّر القرآن النكير على هؤلاء في مواضع آخر ، لأنّه إنما يواجه في مشروعه المعرفي نظريات استحكمت وترسخت لدى أُمم متتابعة ، لا يستبعد أن يكون لها