responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دراسة حول الجبر والتفويض والقضاء والقدر نویسنده : العسكري، السيد مرتضى    جلد : 1  صفحه : 22
بفضائل الأخلاق والمعروفون بكلّ ذلك في المجتمع.

وعليه فإنّ تلك الحالة النفسيّة العدائيّة منهما للمجتمع وأبراره تؤثِّر على النطفة حين انعقادها وتنتقل بالوراثة إلى ما يتكوّن من تلك النطفة، فإنّه يجبل على حبّ الشرّ والعداء للخيّرين والمعروفين بالفضيلة في المجتمع.

ومن الأمثلة على ذلك زياد بن أبيه وولده ابن زياد في ما ارتكباه زمان إمارتهما في العراق[1]، وخاصّة ما فعله ابن زياد بعد استشهاد الامام الحسين (عليه السلام)، مع جسده الشريف وأجساد المستشهدين معه من آل الرسول (صلى الله عليه وآله)وأنصارهم: من التمثيل بهم، وحمله رؤوسهم من بلد إلى بلد، وسوقه بنات الرسول (صلى الله عليه وآله) سبايا إلى الكوفة وسائر ما عاملهم بها، في حين أنّه لم يبق بعد استشهاد الامام الحسين (عليه السلام) أيّ مقاوم لحكمهم ولم يكن أي مبرِّر له عندئذ في كل ما فعل من ظلم واستهانة بمقامهم في المجتمع، عدا حبّه في كسر شوكة أشرف بيت في العرب وأفضله وتوهينهم، وحبّه للشرّ وعدائه الجبليِّ الفطري للأكرمين في المجتمع.

وبناءً على ذلك يكون حبّ الشرّ والرغبة في إيذاء الخيِّرين والمعروفين بالفضيلة في المجتمع فطريّ في ولد الزّنا، على عكس ولد الزواج الحلال والذي ليس من فطرته حبّ الشرّ والرغبة في إيذاء الخيّرين في المجتمع، ولكنّهما مع كلّ ذلك ليسا مجبورين على القيام بكلّ ما يفعلانه ويتركانه من خير وشرّ، وإنّما مثلهما في ما جُبِلا عليه مثل شابّ مكتمل الرجولة في الجسد وما يتمتّع به من حيويّة دافقة وشهوة عارمة للجنس، مع شيخ هرم ناف على التسعين وتهدّمت قواه، يعاني الفتور وفقدان القوى الجسديّة، منصرف عن الشهوة الجنسية وفي عدم تمكّن الأخير من ارتكاب الزّنا وتوفّر القوى الجنسيّة في الأوّل; فإنّ الشابّ القويّ مكتمل الرجولة ـ أيضاً ـ غير مجبور على ارتكاب الزّنا في ما إذا ارتكب ذلك ليكون معذوراً في ارتكابه الرذيلة، وأمّا إذا تيسّر له ارتكاب الزّنا وخاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى فإنّ الجنّة هي المأوى[2]، على عكس الشيخ الهرم، فإنّه لا يُثاب على تركه الزّنا، لأنّه لم يترك الزّنا مع قدرته عليه.

وهكذا كلّما تعمّقنا في دراسة أي جانب من جوانب حياة الإنسان، وجدناه مختاراً في ما يصدر منه من فعل، عدا ما يصدر منه عن غفلة وعدم تنبّه.


[1] راجع بحث استلحاق زياد في المجلّد الأوّل من كتاب عبد الله بن سبأ للمؤلِّف; وبحث استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في المجلّد الثالث من معالم المدرستين.

[2] إشارة إلى قوله تعالى في سورة النازعات/40 : (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى).




نام کتاب : دراسة حول الجبر والتفويض والقضاء والقدر نویسنده : العسكري، السيد مرتضى    جلد : 1  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست