من الثابت تاريخياً أنّ الإمام الحسن عليهالسلام
بعد أن رأىٰ
تقاعس أصحابه عن القتال ، وتثاقلهم عن الجهاد ، صالح معاوية بن أبي سفيان
حقناً لدماء المسلمين ، واحتفاظاً بالبقية الباقية من المؤمنين ، وإخماداً
لشدّة الفتنة الّتي أوقعهم بها معاوية « الطليق » [٢]
، الّذي كان من المؤلّفة قلوبهم [٣]..
فقد افتتن به أهل الشام افتتاناً كبيراً
إلىٰ درجة أنّه كان يقول لهم أنّه من أهل البيت الّذين أذهب الله عنهم
الرجس وطهّرهم تطهيراً وكانوا يصدّقونه ، وقد بلغ من افتتانهم به أن صلّىٰٰ
بهم صلاة الجمعة يوم
الأربعاء ولم يعترضوا عليه.
قال المسعودي في مروج الذهب
: إنّ رجلاً من أهل الكوفة دخل علىٰ بعير له إلىٰ دمشق في حال منصرفهم عن
صِفّين فتعلّق به رجلٌ من دمشق فقال : هذه ناقتي ، أُخذت منّي بصفين.
[٢] معاوية بن أبي
سفيان من الّذين ظفر بهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
بعد فتح مكّة وأطلقهم ، وقال لهم : « اذهبوا فأنتم الطلقاء ». والطلقاء لم يُسلموا إلاّ كارهين
، أي بعد أن أُحيط بهم من كلّ جانب ، فهم ممّن يصحّ أن يقال بحقّهم : إنّهم لم يُسلموا ولكن استسلموا..
وهذا المعنىٰ قد أشار
إليه الإمام عليّ عليهالسلام في إحدىٰ كلماته الّتي ذكرناها سابقاً فقد كان عليهالسلام
يقول لأصحابه عند الحرب : « فو الّذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أسلموا
ولكن استسلموا ، وأسرُّوا الكفر ، فلمّا وجدوا أعواناً عليه أظهروه ».
نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد
عبده ـ ٣ / ١٦ ؛ وانظر : تاريخ الطبري ٦ / ٤ في كيفيّة دخول معاوية وأبيه في الإسلام كارهَين.