responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحول المذهبي نویسنده : الحسّون، علاء    جلد : 1  صفحه : 228
أُقدّسه لا أصل له، وأنّ الصواب في المفهوم الآخر الذي يأباه قلبي وتنفر منه نفسي؟!

هذه هي العصبيّة، وكم صدّت فحولاً عن مواصلة الطريق نحو الحقيقة الثابتة..

إنّ العصبيّة تمنح كثيراً من المفاهيم هالة قدسيّة، لكنّها سراب لا حقيقة لها.. وأصعب شيء على من يقدّس أمراً أن يقال له: إنّ الذي تُقدّسه سراب!!

وثمّة نوع آخر من العاطفة يشدّ المرء الى الوراء..إنّه الوفاء للذكريات.. فَلِم لا وقد أمضى أيّام شبابه وهو في ذروة الحماس الديني، مع ثلّة من إخوانه المؤمنين، تزدان مجالسهم بالذكر والبحث الصادق النقيّ الذي لا تشوبه شائبة من رياء أو مكابرة؟

إنّه ليعشق تلك الذكريات عشقاً لا تتخلّله سهام الطعن، فإذا ماواجهته الحقيقة بغير ما كان يرى ثار شوقه إلى تلك الذكريات وتأجّج عشقه لها، فينبعث من بين الشوق والعشق سؤال يُمِضُّ الفؤاد: أحقّاً كانت مجالسنا تلك قد تخلّلها شيء من الأوهام؟!

إنّه لايريد أن يشك في ذلك الماضي الجميل!!

وهذا هو الوفاء للذكريات...

ولقد كنت للعصبيّة عدوّاً حيثما واجهتني، غلبتها أو غلبتني، أمّا الذكريات فقد آخيتها وأحسنتُ صحبتها حتى النهاية، وقد جعلتها في فقرات من هذا الكتاب بمثابة صديق لي أحاوره فيستجيب لي ولو همساً.

وقد أعانني على ذلك كونها ذكريات واضحة لم تختلط في ذهني.. وكونها زاخرة بعلامات استفهام كانت تثيرها العقول في ساعات انطلاقاتها، فتخترق بحرّيتها أسوار القداسة، ثمّ تترك السؤال حائراً، وقلّما وجدت له جواباً مقنعاً وشافياً..

ورأيت أثناء رحلتي أن الوفاء للذكريات لا ينبغي ان يكون عاطفيّاً، فربّما ينعكس أثره فلا يكون عندئذ وفاءً.. وإنما المطلوب من الوفاء أن يكون وفاءً علميّاً إنْ صحّ التعبير "[1].


[1] المصدر السابق: 12.

نام کتاب : التحول المذهبي نویسنده : الحسّون، علاء    جلد : 1  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست