فهذه الآيات الكريمة شبهت المعاندين تشبيهاً فاضحاً، وذلك لأنّ الحمر المستنفرة تتحرك بدون شعور حركات عجيبة وغريبة، وأما إذا كانت نافرة من أسد، فإنك ترى منها العجب كلّ العجب؛ لأنها تهرب هروباً غير طبيعي، بحيث أنه لو كان أمامها جهنم لاقتحمتها، وهكذا الكثير من الناس! فبمجرد أن يختار الله عزّ وجلّ أحدهم، تقوم قيامتهم، ويتمنون لو وقعت السماء على الأرض، ولا يكون ذلك، ويضحّون بكل شيء، ويفترون على الله ورسوله الكذب، ويقتلون أولياء الله، ويكونون جنداً للشيطان.
كل ذلك احتجاجاً واعتراضاً على الله عزّ وجلّ، لأنّه اختص برحمته من يشاء، وهذا الاحتجاج والاعتراض ليس قولياً ولكنّه عملي، وإنّ هذا لهو الظلم العظيم؛ ذلك لأنّ كلّ إنسان لا يرضى أن يجبره أحد على ما لا يريد، ويعتبر ذلك الإجبار ظلماً عظيماً، فكيف يسعى البعض بعمله معارضاً ما يريده الله عزّ وجلّ، وهو العبد الحقير أليس ذلك هو الظلم العظيم؟