من يتأمّل قليلاً، وينظر إلى التاريخ بدقّة، سيجد الأمر واضحاً جداً، فالرسول (صلّى الله عليه وآله) ترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، والصحابة لم يكن بينهم أي اختلاف عقائدي، إذن فما هو السبب الذي أدّى إلى الاختلاف فيما بينهم؟!!
ومن يقول إنّهم ـ أي الصحابة ـ لم يختلفوا، فهو إمّا جاهل، لم يطّلع على تاريخ الإسلام، أو معاند لا يزيده العلم إلاّ جهلاً.
فمن الواضح أنّ الاختلاف وقع بين الصحابة بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) مباشرة، ثم تطوّر إلى حدّ كبير؛ حتى نفي وطرد بعض الصحابة، كما حصل لأبي ذر، وقتل الخليفة الثالث، وقامت حرب الجمل، وصفين والنهروان، وغير ذلك.
فالاختلاف كان موجوداً بينهم، وثبوته واضح، وهو من بديهيات التاريخ.
وكما قلنا إنّ تفرّق الصحابة لم يكن من أجل الاختلافات العقائدية المطروحة، كما نراها اليوم، بل هناك أمر خفيٌّ وخطير، لم يلتفت له إلاّ القليل.
وهذا ما سنوضّحه في الأبحاث القادمة من هذا الكتاب بإذن الله عزّ وجلّ.