أخبر من قبل القتال بأنّا نقتلهم[1] ولا يُقتل منّا عشرة ولا يسلم منهم عشرة.
فهذه وقعة النهروان وهو قتاله عليه السلام للخوارج المارقين الذين قال النبي صلّى الله عليه وآله في حقّهم: إنّهم شرّ الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأعظمهم عند الله يوم القيامة وسيلة[2].
[الجمع بين الفضائل المتضادّات]
ومن فضائله صلوات الله عليه التي انفرد بها من المشاركة فيها، انّه جمع بين الفضائل المتضادّات، وألّف بين الكمالات المتباينات[3].
فإنّه كان يصوم النهار ويقوم الليل مع هذه المجاهدات التي ذكرناها، ويفطر على اليسير من جريش الشعير بغير إدام كما قلناه في صفة زهده، ومن يكون بهذه الحال يكون ضعيف القوّة، وأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام كان مع ذلك أشدّ الناس قوّة، وانّه قلع باب خيبر وقد عجز عن حملها سبعون نفراً من المسلمين، ورمى بها[4] أذرعاً كثيرة ثمّ أعادها إلى مكانها بعد أن وضعها على الخندق جسراً.
وكان أكثر الوقت في الحروب يباشر قتل النفوس، ومَنْ هذا حاله يكون شديد اللقاء عبوس الوجه، وأمير المؤمنين عليه السلام كان مع ذلك رحيماً رقيق القلب، حسن الأخلاق، طلق الوجه، حتّى نسبه بعض المنافقين إلى الدعابة لشرف