responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد القلوب نویسنده : الديلمي، حسن بن محمد    جلد : 2  صفحه : 23
فقال له ابن عباس: يا أمير المؤمنين ما هذا الفعل؟ قال عليه الصلاة والسلام: أنظر إلى الزوال حتّى نصلّي[1]، فقال له ابن عباس: وهل هذا وقت صلاة؟ إنّ عندنا لشغلا بالقتال عن الصلاة، فقال عليه السلام: على ما نقاتلهم؟ إنّما نقاتلهم على الصلاة[2].

وبالجملة انّ العبادات الخمس: الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والجهاد، فقد أتى بها جميعاً، وبلغ الغاية في كلّ واحد منها، ومقاماته العظيمة في التهجّد والخشوع والخوف من الله تعالى لم يسبقه إليها سوى رسول الله[3]، حتّى أنّه عليه السلام قال:


[1] في "ب": اُصلّي.

[2] عنه البحار 83: 23 ح43.

ولله درّ القائل:


يسقي ويشرب لا تلهيه نشوتهعن النديم ولا يلهو عن الكأس
أطاعه سكره حتّى تمكّن منفعل الصحاة فهذا أفضل الناس

[3] روى المجلسي في البحار 41: 11 ح1، عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير قال: كنّا جلوساً في مجلس في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله، فتذاكرنا أعمال أهل بدر وبيعة الرضوان، فقال أبو الدرداء: يا قوم ألا اُخبركم بأقلّ القوم مالا، وأكثرهم ورعاً، وأشدّهم اجتهاداً في العبادة؟ فقالوا: من؟ قال: أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

قال: فوالله إن كان في جماعة أهل المجلس إلاّ معرض عنه بوجهه، ثمّ انتدب له رجل من الأنصار فقال له: يا عويمر لقد تكلّمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها، فقال أبو الدرداء: يا قوم إنّي قائل ما رأيت وليقل كلّ قوم منكم ما رأوا، شهدت عليّ بن أبي طالب بشويحطات النجار وقد اعتزل عن مواليه واختفى ممّن يليه، واستتر بمغيلات النخل، فافتقدته وبَعُدَ عليّ مكانه، فقلت: لحق بمنزله، فإذا أنا بصوت حزين ونغمة شجيّ وهو يقول: "إلهي إن طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي، فما أنا مؤمّل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك".

فشغلني الصوت واقتفيت الأثر، فإذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعينه، فاستترت له وأخملت الحركة، فركع ركعات في جوف الليل الغابر، ثمّ فرغ إلى الدعاء والبكاء والبثّ والشكوى، فكان ممّا به الله ناجاه أن قال: "إلهي اُفكّر في عفوك فتهون عليّ خطيئتي، ثمّ أذكر العظيم من أخذك فتعظم عليّ بليّتي"، ثمّ قال: "آه إن أنا قرأت في الصحف سيّئة أنا ناسيها وأنت محصيها فتقول: خذوه، فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته، يرحمه الملأ إذا اُذن فيه بالنداء" ثمّ قال: "آه من نار تنضج الأكباد والكلى، آه من نار نزّاعة للشوى، آه من غمرة ملهبات لظى".

قال: ثمّ أنعم في البكاء، فلم أسمع له حسّاً ولا حركة، فقلت: غلب عليه النوم لطول السهر، اُوقظه لصلاة الفجر، قال أبو الدرداء: فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحرّكته فلم يتحرّك، وزويته فلم ينزو، فقلت: "إنّا لله وإنّا إليه راجعون" مات والله عليّ بن أبي طالب، قال: فأتيت منزله مبادراً أنعاه إليهم، فقالت فاطمة عليها السلام: يا أبا الدرداء ما كان من شأنه ومن قصّته؟ فأخبرتها الخبر، فقالت: هي والله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله، ثمّ أتوه بماء فنضحوه على وجهه حتّى أفاق ونظر إليّ وأنا أبكي، فقال: ممّا بكاؤك يا أبا الدرداء؟ فقلت: ممّا أراه تنزله بنفسك، فقال: يا أبا الدرداء فكيف لو رأيتني ودُعي بي إلى الحساب، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني ملائكة غلاظ، وزبانية فظاظ، فوقفت بين يدي الملك الجبّار، قد أسلمني الأحبّاء، ورحمني أهل الدنيا، لكنت أشدّ رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية، فقال أبو الدرداء: فوالله ما رأيت ذلك لأحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله.

نام کتاب : إرشاد القلوب نویسنده : الديلمي، حسن بن محمد    جلد : 2  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست