نام کتاب : أبو الفتح كشاجم وشعره في الغدير نویسنده : العلامة الأميني جلد : 1 صفحه : 12
من شادن من بني الأقباط يعقد ما * بين الكثيب وبين الخضر زنارا
وكأنه في بعض آناته يرى نفسه بين مصر والعراق، ويتذكر أدواره فيهما، و
ما ناله في سفره إليهما من سراء أو ضراء، أو شدة أو رخاء، وما حظي من الأهلين
من النعمة والنقمة، والاكبار والاستحقار، فيمدح هذا ويذم ذلك فيقول:
يا هذا قلت فاسمعي لفتى * في حاله عبرة لمعتبره
أمرت بالصبر والسلو ولو * عشقت ألفيت غير مصطبره
من مبلغ إخوتي؟ وإن بعدوا: * إن حياتي لبعدهم كدره
قد همت شوقا إلى وجوههم * تلك الوجوه البهية النضره
أبناء ملك علاهم بهم * على العلا والفخار مفتخره
ترمي بهم نعمة تزينها * مروءة لم تكن ترى نزره
ما أنفك ذا الخلق بين منتصر * على الأعادي بهم ومنتصره
جبال حلم بدور أندية * أسد وغى في الهياج مبتدره
بيض كرام الفعال لا بخل الأيدي * وليست من الندى صفره
للناس منهم منافع ولهم * منافع في الأنام مشتهره
متى أراني بمصر جارهم * نسبي بها كل غادة خضره
والنيل مستكمل زيادته * مثل دروع الكماة منتثره
تغدو الزواريق فيه مصعدة * بنا وطورا تروح منحدره
والراح تسعى بها مذكرة * أردانها بالعبير مختمره
بكران لكن لهذه مائة * وتلك ثنتان وثنتا عشره
يا ليتني لم أر العراق ولم * أسمع بذكر الأهواز والبصره
ترفعني تارة وتخفضني * أخرى فمن سهلة ومن وعره
فوق ظهر سلهبة [1] * قطانها والبدار مغتفره
وتارة في الفرات طامية * أمواجه كالخيال معتكره
حتى كأن العراق تعشقني * أو طالبتني يد النوى بتره