responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سيره ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد نویسنده : ابن هشام الحميري    جلد : 2  صفحه : 46
رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَصَائِبُ بهُلْك خَدِيجَةَ، وَكَانَتْ لَهُ وَزِيرَ صِدْق عَلَى الْإِسْلَامِ، يَشْكُو إلَيْهَا؛ وبُهلْك عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ لَهُ عَضَدًا وحِرْزًا فِي أَمْرِهِ، ومَنَعة وَنَاصِرًا عَلَى قَوْمِهِ، وَذَلِكَ قَبْلَ مُهاجره إلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ. فَلَمَّا هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ، نَالَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ الْأَذَى مَا لَمْ تَكُنْ تَطْمَعُ بِهِ فِي حَيَاةِ أَبِي طَالِبٍ، حَتَّى اعْتَرَضَهُ سفيهٌ مِنْ سُفَهَاءِ قُرَيْشٍ، فَنَثَرَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
لَمَّا نَثَرَ ذَلِكَ السَّفِيهُ عَلَى رَأْسِ رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ التُّرَابَ، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْتَهُ وَالتُّرَابُ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَامَتْ إلَيْهِ إحْدَى بَنَاتِهِ، فَجَعَلَتْ تَغْسِلُ عَنْهُ التُّرَابَ وَهِيَ تَبْكِي، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لَهَا: "لَا تَبْكِي يَا بُنَيَّةِ، فَإِنَّ اللَّهَ مَانِعٌ أَبَاكَ". قَالَ: وَيَقُولُ بَيْنَ ذَلِكَ: "مَا نَالَتْ مِنِّي قُرَيْشٌ شَيْئًا أَكْرَهُهُ، حَتَّى مَاتَ أَبُو طالب".
المشركون يطلبون عهدًا بينهم وبين الرسول قبل موت أبي طالب: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمَّا اشْتَكَى أَبُو طَالِبٍ، وَبَلَغَ قُرَيْشًا ثِقَلُه، قَالَتْ قُرَيْشٌ بعضُها لِبَعْضِ: إنَّ حَمْزَةَ وَعُمَرَ قَدْ أَسْلَمَا، وَقَدْ فَشَا أَمْرُ مُحَمَّدٍ فِي قَبَائِلِ قُرَيْشٍ كلِّها، فانطلِقوا بنا إلى أبي طالب، فيأخذ لَنَا عَلَى ابْنِ أَخِيهِ، وليعطِه مِنَّا، وَاَللَّهِ مَا نأمَن أَنْ يبتزُّونا1 أمرَنا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبد بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَشَوْا إلَى أَبِي طَالِبٍ فَكَلَّمُوهُ؛ وَهُمْ أشرافُ قَوْمِهِ: عُتبة بْنُ رَبِيعَةَ، وشَيْبة بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فِي رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ، إنَّكَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ علمتَ، وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى، وتخوَّفْنا عَلَيْكَ، وَقَدْ علمتَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ أَخِيكَ، فادْعه فَخُذْ لَهُ مِنَّا، وَخُذْ لَنَا مِنْهُ، ليكفَّ عَنَّا، ونكفَّ عَنْهُ، وليدعَنا ودينَنَا، وندَعه ودينَه؛ فَبَعَثَ إليه أبو طالب، فجاءه، فقال: يابن أَخِي، هَؤُلَاءِ أشرافُ قَوْمِكَ، قَدْ اجْتَمَعُوا لَكَ، لِيُعْطُوكَ، وَلِيَأْخُذُوا مِنْكَ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ، كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تُعطونيها تَمْلِكُونَ بِهَا الْعَرَبَ، وَتَدِينُ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ". قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: نَعَمْ وأبيكَ، وَعَشْرَ كَلِمَاتٍ؛ قَالَ: "تَقُولُونَ: لَا إلَهَ إلَّا الله، وتخلعون ما تعبدون

1 ابتزه أمره: غلبه عليه.
نام کتاب : سيره ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد نویسنده : ابن هشام الحميري    جلد : 2  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست