عامر يعد قريش، أن لو قد لقي قومه لم يتخلف منهم رجلان، فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر في الأحابيش و عبدان أهل مكة فنادى: يا معاشر الأوس أنا أبو عامر، فقالوا: لا نعم اللّه بك عينا يا فاسق، و كان أبو عامر يسمى في الجاهلية الراهب، فسماه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) الفاسق، فلما سمع ردهم عليه، قال: لقد أصاب قومي بعدي شر، ثم قاتلهم قتالا شديدا، و أضمخهم بالحجارة، فلما التقى الناس و دنا بعضهم من بعض قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها، و أخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال و يحرضنهم، فقالت هند فيما تقول:
فاقتتل الناس حتى حميت الحرب و قاتل أبو دجانة سماك بن خرشة حتى أمعن في العدو، و حمزة، و علي بن أبي طالب في رجال من المسلمين؛ فأنزل اللّه نصره و صدقهم وعده، فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم، و كانت الهزيمة لا يشك فيها.
أخبرنا عبد اللّه بن الحسن الحرّاني قال: نا النفيلي قال: نا محمد بن سلمة عن محمد بن اسحاق قال: نا يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزبير عن أبيه عن عبد اللّه بن الزبير عن الزبير قال: لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة و صواحبها مشمرات هو ارب ما دون أخذهن قليل و لا كثير، إذ مالت الرماة عن العسكر، حين كشفنا القوم عنه، يريدون النهب، و خلوا ظهورنا للخيل، فأتينا من أدبارنا، و صرخ صارخ ألا إن محمدا قد قتل، فانكفأنا و انكفأوا علينا، بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنوا منه أحد من القوم، فانكشف