تأمل فان القوم في سرواتهم* * * صريح لؤي لا شماطيط جرهم [1]
فما كان إلا بعض ليلة راكب* * * أتى ساعيا من غير حلة معدم
غزوة ذي أمر الى نجد سنة ثلاث
فلما رجع رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) من غزوة السويق [2] أقام بالمدينة ذا الحجة و المحرم، أو قريبا منه ثم غزا نجدا يريد بني غطفان و هي غزوة ذي أمر [3]، فأقام بنجد صفرا كله، أو قريبا من ذلك، ثم رجع إلى المدينة و لم يلق كيدا.
أخبرنا عبد اللّه بن الحسن الحراني [4- ظ] قال: حدثنا النفيلي قال: نا محمد بن سلمة عن محمد بن اسحاق قال: حدثني رجل من أهل الشام يقال له أبو منظور عن عمه قال: حدثني عمي عن عامر الرام أخي النضر قال: إني لببلادنا إذ رفعت إلي ألوية و رايات فقلت: ما هذا؟ قالوا: هذا لواء رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم)، فأتيته و هو تحت شجرة قد بسط له تحتها كساء و هو جالس عليه، و قد اجتمع إليه أصحابه رضي اللّه عنهم فجلست إليهم، فذكر رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) الأسقام فقال: إن المؤمن إذا أصابه السقم، ثم أعفاه اللّه منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه و موعظة له فيما يستقبل به، و إن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه و لم يدر لم أرسلوه، فقال رجل ممن حوله: و ما الأسقام، و اللّه ما مرضت قط؟ قال: قم عنا فلست منا، قال: فبينا نحن عنده إذ أقبل
[1] الشماميط: الأخلاط من الناس- الروض الأنف: 3/ 142. و جرهم احدى قبائل العرب البائدة كانت تسكن منطقة مكة أيام النبي ابراهيم و قد أجلتها خزاعة عن مكة.
[2] السويق: هو قمح و شعير يقلى ثم يطحن ليسف تارة بماء، و تارة بسمن و تارة بعسل و سمن.
[3] ذي أمر موضع معروف وراء بطن نخل، و بطن نخل قرية قريبة من المدينة على طريق البصرة- التنبيه و الاشراف ط الصاوي: 210 و مراصد الاطلاع.