أنت مبلغي إلى أهلي هاهنا، تحت هذه الثنية؟ فقلت: نعم، فاحتملته على بعيري، فأتيت به على أهله، فقال لي رجل من القوم: يا عبد اللّه ممن أنت؟
فقلت: رجل من قريش، فقال: و اللّه إني لأظنك مصنوعا لك، و اللّه ما كان لص أعدى منه.
قال: و أضلتني ناقة لي قد كنت أعلفها العجين، فلما أيست منها، اضطجعت عند رحلي، و تقنعت بثوبي، فو اللّه ما أهبني إلّا حس مشفرها تحرك به قدمي، فقمت إليها، فركبتها.
خبر عمر بن الخطاب مع شيخ كبير أعمى.
حدثنا أحمد قال: نا يونس عن ابن إسحاق، قال: حدثني من سمع عكرمة يذكر عن ابن عباس قال: بينا أنا جالس عند عمر بن الخطاب، و هو يعرض الناس على ديوانهم، إذ مرّ شيخ كبير أعمى يجبذ قائده جبذا شديدا، فقال عمر:
ما رأيت كاليوم منظرا أسوأ.
قال: فقال له رجل: يا أمير المؤمنين هذا ابن صبغاء البهزي، ثم السلمي، بهيك بريق، فقال عمر: قد أعلم أن بريقا لقب، فما اسم الرجل [1]؟ قالوا:
عياض، قال عمر: ادعوا لي عياضا، فدعي، فقال: أخبرني خبرك و خبر بني صبغاء- و كانوا عشرة نفر-.
فقال عياض: شيء كان في الجاهلية قد جاء اللّه بالإسلام، فقال عمر: اللهم غفرا، ما كنا أحرانا نتحدث عن أمر الجاهلية منا حين هدانا اللّه عز و جل للإسلام، و أنعم علينا به! فقال: يا أمير المؤمنين كنت امرأ قد نفاني أهلي، و كان بنو صبغاء عشرة، و كانت بيني و بينهم قرابة و جوار، فتنقصوني ما بي و تذللوني، فسألتهم باللّه و الرحم و الجوار إلا ما كفوا عني، فلم يفعلوا، و لم يمنعني ذلك منهم، فأمهلتهم حتى دخل الشهر الحرام، ثم رفعت يدي إلى اللّه عز و جل فقلت: