حتى قام يجر رداءه، و خرج عمر معه، و أنا مع أبي، حتى إذا قام على باب المسجد الكعبة صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش إن عمر قد صبا، فقال عمر:
كذبت و لكني أسلمت، فبادروه فقاتلهم و قاتلوه حتى قامت الشمس على رءوسهم و بلح [1]، فجلس و عرشوا على رأسه قياما و هو يقول: اصنعوا ما بدا لكم فأقسم باللّه لو قد كنا ثلاثمائة رجل لقد تركتموها لنا أو تركناها لكم، فبينا هم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش عليه حلة حبره و قميص قومسي [2]، فقال:
مه؟ فقالوا: خيرا، عمر بن الخطاب صبا، فقال فمه؟! رجل اختار لنفسه دينا أ ترون بني عدي بن كعب يسلمون لكم صاحبهم هكذا؟! عن الرجل فو اللّه لكأنها كان ثوب كشف عنه، فلما قدمنا المدينة قلت: يا أبه من الرجل صاحب الحلة الذي [3] صرف القوم عنك؟ قال: ذاك العاص بن وائل السهمي.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحاق قال: حدثني المنكدر أن أعرابيا من بني الدئل قال حيث بلغه أمر رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) و ظهوره و اختلاف الناس بها قال: فما فعل الأصلع الطوال الأعسر، مع أي الحزبين هو، فو اللّه ليملأنها [4] غدا خيرا أو شرا، يعني عمر بن الخطاب.
نا يونس عن النضر أبي عمر عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) قال:
اللهم أيد الاسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب، فأصبح عمر فغدا على رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) فأسلم، ثم خرج فصلى في المسجد ظاهرا.
نا يونس عن عبد الرحمن بن عبد اللّه عن القاسم عن عبد اللّه (82) بن مسعود أنه قال: كان اسلام عمر بن الخطاب فتحا، و هجرته نصرا، و إمارته رحمة، و ما استطعنا أن نصلي ظاهرين عند الكعبة حتى أسلم عمر (رحمه اللّه).
[2] الحبرة ثوب يماني من قطن أو كتان مخطط، و قميص قومسي لعله نسبة الى قومس التي قال عنها ياقوت بأنها كانت كورة كبيرة واسعة تشتمل على مدن و قرى و مزارع في ذيل جبل طبرستان، و جاء في ابن هشام، الروض: 2/ 95- 100 «قميص موشى».