لما رأيت القوم لا ود بينهم* * * و قد قطعوا كل العرى و الوسائل
و قد صارحونا بالعداوة و الأذى* * * و قد طاوعوا أمر العدو المزايل
و قد حالفوا قوما علينا أظنة* * * يعطون غيظا خلفنا بالأنامل
صبرت لهم نفسي بصفراء [1]سمحة* * * و أبيض غضب من سيوف المقاول
و أحضرت عند البيت رهطي و أسرتي* * * و أمسكت من أثوابه بالوصائل
عكوفا معا مستقبلين و تاره* * * لدى حيث يقضي حلفه كل نافل
و حيث ينيخ الأشعريون ركابهم* * * بمفضى السيول بين ساف [2] و نائل
خبر صحيفة المقاطعة.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحاق قال: فلما مضى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) على الذي بعث به، و قامت بنو هاشم، و بنو المطلب دونه، و أبوا أن يسلموه، و هم من خلافه على مثل ما قومهم عليه، إلا أنهم أنفوا أن يستذلوا، و يسلموا أخاهم لمن فارقه من قومه، فلما فعلت ذلك بنو هاشم، و بنو المطلب، و عرفت قريش أنه لا سبيل إلى محمد (صلى اللّه عليه و سلّم) معهم، اجتمعوا على أن يكتبوا فيما بينهم على بني هاشم و بني المطلب ألا يناكحوهم و لا ينكحوا إليهم، و لا يبايعونهم و لا يبتاعون منهم، فكتبوا صحيفة في ذلك، و كتب في الصحيفة عكرمة بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، و علقوها بالكعبة، ثم عدوا على من أسلم فأوثقوهم، و آذوهم، و اشتد البلاء عليهم، و عظمت الفتنة فيهم و زلزلوا زلزالا شديدا، فخرج أبو لهب عدو اللّه يظاهر عليهم قريش، و قال: قد نصرت اللات و العزى يا معشر قريش، فأنزل اللّه عز و جل: «تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ» إلى آخرها.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحاق قال: و قالت صفية بنت عبد المطلب:
ألا من مبلغ عني قريشا* * * ففيم الأمر فينا و الإمار
لنا الأمر المقدم قد علمتم* * * و لم توقد لنا بالغدر نار