الباب الثاني في سجود الإبل له و شكواها إليه (صلّى اللّه عليه و سلّم)
روى الإمام أحمد و النّسائي بسند جيد عن أنس رضي اللّه عنه قال: كان أهل بيت من الأنصار، لهم جمل يستقون عليه الماء، و إنّه استصعب عليهم فمنعهم ظهره، و إنّ الأنصار جاءوا إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقالوا: إنه كان لنا جمل نستقي عليه، و إنّه استصعب علينا، و منعنا ظهره، و قد عطش الزّرع و النّخل، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) لأصحابه: «قوموا»، فقاموا فدخل الحائط، و الجمل من ناحية، فمشى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) نحوه فقال الأنصار: يا رسول اللّه، قد صار مثل الكلب، و إنما نخاف عليك صولته، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «ليس عليّ منه بأس»، فلما نظر الجمل إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) أقبل نحوه حتى خرّ ساجدا بين يديه، فأخذ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بناصيته أذلّ ما كانت قطّ حتى أدخله في العمل، فقال أصحابه: يا رسول اللّه، هذه بهيمة لا تعقل، تسجد؟ فنحن أحقّ أن نسجد لك، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «لو صح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقّه عليها، و الذّي نفسي بيده، لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه تنبجس بالقيح و الصّديد ثم استقبلته فلحسته ما أدّت حقه [1]».
قصة أخرى.
روى الإمام أحمد و البيهقي و اللّفظ له، و رجاله ثقات، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما أن جملا جاء إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم)، فلما كان قريبا منه خر الجمل ساجدا فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «يا أيها الناس، من صاحب هذا الجمل؟» فقال فتية من الأنصار: هو لنا يا رسول اللّه، قال: «فما شأنه؟» قالوا: سنونا عليه عشرين سنة فما كبرت سنّه، أردنا نحره، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «تبيعونه؟» فقالوا: هو لك يا رسول اللّه، فقال: «أحسنوا إليه حتى يأتيه أجله»، فقالوا يا رسول اللّه، نحن أحقّ أن نسجد لك من البهائم، فقال: «لا ينبغي لبشر أن يسجد لبشر و لو كان النساء لأزواجهنّ» [2].
قصة أخرى.
روى الإمام أحمد و أبو نعيم و الطبراني بسند جيد عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كان النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) في نفر فجاء بعير فسجد له، فقال أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) يسجد لك البهائم و الشجر، فنحن أحقّ أن نسجد لك، قال: «اعبدوا ربكم، و أكرموا أخاكم و لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها».