الباب الرابع عشر في إكرامه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- من يستحق إكرامه و تألفه أهل الشرف
روى الإمام أحمد برجال الصحيح عن حميد بن هلال، قال: كان رجل من الطفاوة طريقه علينا يأتي على الحي، فحدثهم قال: أتيت المدينة مع عير لنا، فبعنا بضاعتنا، ثم قلت:
لأنطلق إلى هذا الرجل فلآتينّ من بعدي بخبره فانتهيت إلى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فإذا هو يريني بيتا قال: إن امرأة كانت فيه فخرجت في سرية من المسلمين، و تركت اثنتي عشرة عنزا لها و صيصتها كانت تنسج بها، قال: ففقدت عنزا من غنمها و صيصتها، فقالت: يا رب، إنك قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه، و إني قد فقدت عنزا من غنمي و صيصتي، و إنّي أنشدك عنزي و صيصتي، قال: فجعل رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) يذكر شدة منا شدتها لربها- تبارك و تعالى- قال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): فأصبحت عنزها و مثلها و صيصيتها و مثلها و هاتيك فائتها فاسألها إن شئت قال: قلت: بل أصدّقك.
و روى أبو الحسن بن الضحاك و أبو الشيخ و الخرائطي عن جرير بن عبد اللَّه- رضي اللَّه تعالى عنه- قال: لما بعث رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) أتيت لأبايعه، قال: ما جاء بك يا جرير، قلت:
لأسلم على يديك، قال: فألقى إليّ كساء، ثم أقبل على أصحابه فقال: «إن أتاكم كريم قوم فأكرموه» و رواه أبو الشيخ و الخرائطي عنه، قال: دخل رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بعض بيوته فامتلأ البيت فقعد جرير خارج البيت، فأبصره رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فأخذ ثوبه و رمى به إليه، و قال: اجلس على هذا فأخذه جرير فوضعه على وجهه و قبّله.
و روى ابن سعد عن أشياخ من طيء قالوا: إن عدي بن حاتم قدم على رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فسلّم عليه، و هو في المسجد، فقال: من الرّجل؟ قال عدي بن حاتم: فانطلق به إلى بيته و ألقى إليه و سادة محشوّة بليف، و قال: «اجلس عليها» فجلس رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) على الأرض، و عرض عليه الإسلام، فأسلم عديّ، و استعمله رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) على صدقات قومه.
و روى الترمذي عن عكرمة بن أبي جهل- رضي اللَّه تعالى عنه- قال: قال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): يوم جئته «مرحبا بالرّاكب المهاجر»
و ذكر الرشاطي إن أبرهة بن شرحبيل بن أبرهة بن الصباح الأصبحي الحميري، وفد على رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) ففرش له رداءه، و كان يعد من الحكماء.