جماع أبواب حجّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و عمره
الباب الأول في الاختلاف في وقت ابتداء فرضه:
قال الحافظ- (رحمه اللّه تعالى)-: «في ابتداء فرضه، فقيل: قبل الهجرة، و هو شاذ، و قيل: بعدها ثم اختلف في سنته، فالجمهور على أنها سنة ست، قلت: و صححه الرافعي في السير، و شبه عليه في «الروضة»، و نقله في «المجموع» عن الأصحاب، و صححه ابن الرفعة، انتهى، لأنها نزلت فيها قوله تعالى وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة/ 196] و هذا ينبني على أن المراد بالإتمام ابتداء الفرض، و يؤيده قراءة علقمة، و مسروق، و إبراهيم بلفظ:
و قيل: المراد بالإتمام: الإكمال بعد الشروع، و هذا يقتضي تقدم فرضه قبل ذلك، و قد وقع في قصة ضمام ذكر الأمر بالحج، و كان قدومه على ما ذكره الواقدي سنة خمس، و هذا يدل- إن ثبت- على تقدمه على سنة خمس، أو وقوعه فيها قلت: و بهذا جزم الرافعي في الحج: فرض سنة خمس.
و قال الحافظ- (رحمه اللّه تعالى)- إن عكرمة بن خالد المخزومي، قال: قدمت المدينة في نفر من أهل مكة، فلقيت عبد اللّه بن عمر فقلت: إذا لم تحج قط أ فنعتمر من المدينة؟ قال:
نعم، و ما يمنعكم من ذلك؟ فقد اعتمر رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- عمره كلها قبل حجّه، قال: فاعتمر، رواه الإمام أحمد- بسند صحيح- و هو في البخاري بنحوه [2].
قال ابن بطال: هذا يدل على أن فرض الحج كان قد نزل على النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- قبل اعتماره، و يتفرع عليه: هل الحج على الفور؟ أو التراخي؟ و هذا يدل أنه على التراخي، قال أي ابن بطال: كذلك أمر النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- أصحابه بفسخ الحج إلى العمرة، دال على ذلك. انتهى.
قال الحافظ: و قد نوزع في ذلك إذ لا يلزم من صحة تقديم أحد النسكين على الآخر نفي الفورية، انتهى، و قيل: فرض سنة ثمان، و قيل: تسع، و قيل: عشر حكاها الحافظ في تخريج أحاديث الرافعي.