الخامس. في إتمامه الصوم إذا رأى الهلال يوم الثلاثين:
روى الدارقطني، و البيهقي، عن عائشة- رضي اللّه تعالى عنها-: قالت «أصبح رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- صائما صبح ثلاثين يوما فرأى هلال شوال نهارا فلم يفطر حتى أمسى» [1].
تنبيهات
الأول: قال في الهدي: «و إنما خصّ- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- الفطر بما ذكر لأن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله، و انتفاع القوى به، لا سيما القوة الباصرة و حلاوة المدينة التمر، و مرباهم عليه و هو عندهم قوت و أدم، و رطبه فاكهة و أما الماء فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع يبس، فإذا رطبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده، و لهذا كان الأولى بالظمآن الجائع أن يبدأ بشرب قليل من الماء، ثم يأكل بعده».
الثاني: في بيان غريب ما سبق:
السّحور- بفتح السين المهملة: ما يتسحر به من الطعام، و الشراب.
الجدح- بجيم ثم دال مهملة ثم حاء مهملة: خلط الشيء بغيره، و المراد خلط السويق بالماء و تحريكه حتى يستوي، و معنى الحديث: أنه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و أصحابه كانوا صياما، فلما غربت الشمس أمره- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- بالجدّح ليفطروا، فرأى المخاطب آثار الضياء و الحمرة التي تبقى بعد غروب الشمس، فظن أنّ الفطر لا يحصل إلا بعد ذهاب ذلك، و احتمل عنده أنه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- لم يرها فأراد تذكيره و إعلامه، و يؤيد هذا قوله: «إن عليك نهارا لتوهمه أن ذلك الضوء من النهار يجب صومه»، و هو معنى في الرواية الأخرى: لو أمسيت، و تكريره المراجعة لغلبة اعتقاده أن ذلك نهار يحرم الأكل فيه، مع تجويزه أنه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- لم ينظر إلى ذلك الضوء نظرا تاما فقصد زيادة الإعلام ببقاء الضوء قاله النووي.