الباب الرابع في سيرته- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في غسل الميت، و تكفينه
و فيه نوعان:
الأول في غسل الميت و الكفن، و بزاقه على بعض أصحابه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-.
روى الأئمة، و الدارقطني، عن أم عطية- رضي اللّه تعالى عنها- قالت: «دخل علينا رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-. حين توفّيت ابنته، فقال: «اغسلنها ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء و سدر، و اجعلن في الآخرة كافورا، أو شيئا من كافور، و ابدأن بميامنها، و مواضع الوضوء منها، فإذا فرغتن فآذنني»، قال: فضفرنا شعرها ثلاثة قرون، فألقيناه خلفها، فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه فقال: «أشعرنها إيّاه» [1].
و روى الإمام أحمد، و أبو داود، عن ليلى الثّقفية- رضي اللّه تعالى عنها- قالت: «كنت فيمن غسّل أم كلثوم بنت رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- الحقاء، ثم الدّرع. ثم الخمار ثم الملحفة، ثم أدرجت بعد في الثّوب الآخر، قالت و رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- عند الباب معه كفنها يناولنا ثوبا ثوبا» [2].
و روى الشيخان، عن جابر- رضي اللّه تعالى عنه- قال: «أتى النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- عبد الله بن أبيّ بعد ما دفن فأخرجه فنفث فيه من ريقه، و ألبسه قميصه» [3].
و روى الإمام أحمد برجال ثقات- و الرجل المبهم لم يسم- عن شيخ من قيس، عن أبيه، قال: جاءنا رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و عندنا بكرة صعبة لا يقدر عليها، فدنا منها رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فمسح ضرعها، فحفل، فاحتلب قال: فلما مات أبي جاء و قد شددته في كفنه، و أخذت سلاءة فشددت بها الكفن، فقال: «لا تعذب أباك بالسلاء» ثم كشف عن صدره، و ألقى السلاء ثم بزق على صدره، حتى رأيت بياض رضاض بزاقه على صدره» [4].
الثاني: فيمن غسله النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- بيده، و كفنه و صلّى عليه، و أدخله قبره.
روى عبد بن حميد، و الحارث بن أبي أسامة- بسند ضعيف- عن عبد اللّه بن أوفى
[1] أخرجه مالك في الموطأ 1/ 222 و البخاري 3/ 150 (1253) و مسلم 2/ 646، 647 (36- 939) و أحمد 5/ 85 و أبو داود 3/ 197 (3142).