الباب الخامس و التسعون في قدوم وائل بن حجر إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)
روى البخاري (رحمه اللّه تعالى) في التاريخ، و البزار، و الطبراني [1]، و البيهقي عن وائل بن حجر رضي اللّه تعالى عنه قال: بلغنا ظهور رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و أنا في بلد عظيم و رفاهة عظيمة فرفضت ذلك، و رغبت إلى اللّه عز و جل و إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم). فلما قدمت عليه أخبرني أصحابه أنه بشّر بمقدمي عليهم قبل أن أقدم بثلاث ليال.
قال الطبراني: فلما قدمت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) سلّمت عليه فردّ عليّ، و بسط لي رداءه و أجلسني عليه، ثم صعد منبره و أقعدني معه و رفع يديه و حمد اللّه تعالى و أثنى عليه و صلى على النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) و اجتمع الناس إليه فقال لهم: «يا أيها الناس، هذا وائل بن حجر قد أتاكم من أرض بعيدة، من حضر موت، طائعا غير مكره، راغبا في اللّه و في رسوله و في دين بيته، بقيّة أبناء الملوك». فقلت: يا رسول اللّه، ما هو إلا أن بلغنا ظهورك، و نحن في ملك عظيم و طاعة، و أتيتك راغبا في دين اللّه. فقال:
«صدقت». و عن وائل بن حجر قال: جئت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فقال: «هذا وائل بن حجر جاء حبا للّه و لرسوله» و بسط يده و أجلسه و ضمّه إليه و أصعده المنبر، و خطب الناس فقال: «ارفقوا به فإنه حديث عهد بالملك». فقلت إن أهلي غلبوني على الذي لي فقال: «أنا أعطيكه و أعطيك ضعفه».
الحديث. و ذكر ابن سعد، و أبو عمر (رحمهما اللّه) بأبسط من هذا، زاد أحدهما على الآخر.
قال أبو عمر: هو وائل بن حجر بن ربيعة بن وائل الحضرمي يكنى أبا [هنيدة، الحضرمي] و كان قيلا من أقيال حضر موت، و كان أبوه من ملوكهم، وفد على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، و يقال إنه بشّر به أصحابه قبل قدومه فقال: «يأتيكم وائل بن حجر من أرض بعيدة من حضر موت طائعا راغبا في اللّه عز و جل و في رسوله و هو بقية أبناء الملوك». فلما دخل عليه رحب به و أدناه من نفسه على مقعده.
و روى الطبراني، و أبو نعيم أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) أصعده إليه على المنبر، و دعا له، و مسح رأسه و قال: «اللهم بارك في وائل و ولد ولده» [2]. و نودي: الصلاة جامعة، ليجتمع الناس سرورا بقدوم وائل بن حجر إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) معاوية بن أبي سفيان أن ينزله منزلا بالحرّة فمشى معه، و وائل راكب، فقال له معاوية: أردفني خلفك [و شكا إليه حرّ
[1] ذكره الهيثمي في المجمع 9/ 378 و عزاه للطبراني في الصغير و الكبير و قال: و فيه محمد بن حجر و هو ضعيف.