الباب السابع و الثمانون في وفود مزينة إليه (صلّى اللّه عليه و سلم)
روى الإمام أحمد [1]، و الطبراني، و البيهقي، و أبو نعيم عن النعمان بن مقرّن رضي اللّه تعالى عنه قال: قدمت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في أربعمائة من مزينة و جهينة، فأمرنا بأمره، فقال القوم: يا رسول اللّه ما لنا من طعام نتزوّده. فقال النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) لعمر رضي اللّه تعالى عنه: «زوّد القوم». فقال: يا رسول اللّه ما عندي إلا فضلة من تمر و ما أراها تغني عنهم شيئا. قال: «انطلق فزوّدهم». فانطلق بنا إلى علّية فإذا تمر مثل البكر الأورق. فقال: خذوا. فأخذ القوم حاجتهم.
قال: و كنت في آخر القوم فالتفتّ و ما أفقد موضع تمرة، و قد احتمل منه أربعمائة و كأنّا لم نرزأه تمرة. و في لفظ: فنظرت و ما أفقد موضع تمرة من مكانها.
و روى ابن سعد [2] عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جدّه قال: كان أول من وفد على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) من مضر أربعمائة من مزينة، و ذلك في رجب سنة خمس فجعل لهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) الهجرة في دارهم و قال: «أنتم مهاجرون حيث كنتم فارجعوا إلى أموالكم»، فرجعوا إلى بلادهم.
و قال [ابن سعد: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي أخبرنا أبو مسكين و أبو عبد الرحمن العجلاني قالا]: قدم على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) نفر من مزينة منهم خزاعيّ بن عبد نهم، فبايعه على قومه مزينة، و قدم معه عشرة منهم، فيهم بلال بن الحارث، و النّعمان بن مقرّن، و أبو أسماء، و أسامة، و عبد الله بن بردة، و عبد الله بن درّة و بشر بن المحتفز، و كان منهم دكين ابن سعيد، و عمرو بن عوف.
قال: و قال هشام في حديثه: ثم إن خزاعيّا خرج إلى قومه فلم يجدهم كما ظنّ، فأقام، فدعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) حسّان بن ثابت رضي اللّه تعالى عنه فقال: «اذكر خزاعيا و لا تهجه» [3]
فقال حسان بن ثابت:
ألا أبلغ خزاعيّا رسولا* * * بأنّ الذّمّ يغسله الوفاء
و أنّك خير عثمان بن عمرو* * * و أسناها إذا ذكر السّناء
و بايعت الرّسول و كان خيرا* * * إلى خير و أدّاك الثّراء