أنت» فجلست عليها و جلس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بالأرض. فقال: «يا عديّ أخبرك ألا إله إلا اللّه، فهل من إله إلا اللّه؟ و أخبرك أن اللّه تعالى أكبر، فهل من شيء هو أكبر من اللّه عز و جل؟» ثم قال: «يا عديّ اسلم تسلم». فقلت: إني على ديني. فقال: «أنا أعلم منك بدينك». فقلت:
أنت أعلم منّي بديني؟ قال: «نعم» يقولها ثلاثا. «أ لست ركوسيّا؟» فقلت: بلى. قال: «أ لست ترأس قومك؟» قلت: بلى. قال: «أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع؟» قلت: بلى و اللّه، و عرفت أنه نبيّ مرسل يعلم ما يجهل. قال: «فإن ذلك لم يكن يحلّ لك في دينك». ثم قال:
«يا عديّ لعلّك إنما يمنعك من الدخول في هذا الدّين أن رأيت خصاصة من عندنا، فو اللّه ليوشكنّ المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه، و لعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوّهم و قلّة عددهم، فو اللّه ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخالف».
و في رواية قال: «هل رأيت الحيرة؟» قلت: لم أرها و قد علمت مكانها. قال: «فإن الظعينة سترحل من الحيرة تطوف بالبيت في غير جوار لا تخاف أحدا إلا اللّه عز و جل و الذئب على غنمها». قال: فقلت في نفسي فأين ذعار طيء الذين سعروا البلاد؟ قال: «فلعلّك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى الملك و السلطان في غيرهم و اللّه ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم». و في رواية: «فتفتحنّ عليهم كنوز كسرى بن هرمز».
قلت: كنوز كسرى بن هرمز. قال: «كنوز كسرى بن هرمز».
و في رواية: «و لئن طالت بك حياة لتريّن الرجل يخرج بملء كفّه من ذهب أو فضّة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه، و ليلقينّ اللّه أحدكم يوم يلقاه ليس بينه و بينه ترجمان فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنّم و ينظر عن شماله فلا يرى إلا جهنم، فاتّقوا النار و لو بشقّ تمرة فإن لم تجدوا شقّ تمرة فبكلمة طيبة». قال عديّ رضي اللّه تعالى عنه: فأسلمت فرأيت وجه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قد استبشر فقد رأيت الظعينة ترحل من الكوفة حتى تطوف بالبيت لا تخاف إلا اللّه عز و جل، و كنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز و لئن طالت بكم حياة سترون ما قال أبو القاسم (صلّى اللّه عليه و سلم).
تنبيه: في بيان غريب ما سبق:.
عديّ بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عديّ [بن أخزم بن أبي أخزم] بن ربيعة بن جرول- بفتح الجيم و سكون الراء- ابن ثعل- بضم الثاء المثلثة و فتح العين المهملة- ابن عمرو بن الغوث بن طيء الطائي، قدم على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في شهر شعبان سنة تسع كما ذكره الماوردي في حاويه، شهد مع علي رضي اللّه تعالى عنه حروبه، مات