الباب الحادي و الستون في وفود طيء مع زيد الخيل إليه (صلّى اللّه عليه و سلم)
روى ابن سعد عن أبي عمير الطائي، و كان يتيم الزّهري و عن عبادة الطائي عن أشياخهم قالوا: قدم وفد طيّء على رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) خمسة عشر رجلا، رأسهم و سيّدهم زيد الخير، و هو زيد الخيل بن مهلهل من بني نبهان، و فيهم وزر بن جابر بن سدوس، و قبيصة بن الأسود بن عامر من جرم طيء، و مالك بن عبد اللَّه بن خيبري من بني معن، و قعين بن خليف من جديلة، و رجل من بني بولان فدخلوا المدينة و رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في المسجد، فعقلوا رواحلهم بفناء المسجد ثم دخلوا فدنوا من رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم)، فعرض عليهم الإسلام فأسلموا و حسن إسلامهم و أجازهم بخمس أواق فضة كل رجل منهم و أعطي زيد الخيل اثنتي عشرة أوقية و نشّا،
و قال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «ما ذكر رجل من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي إلا ما كان من زيد الخيل فإنه لم يبلغ كل ما فيه».
و سمّاه رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) زيد الخير، و قطع له فيد و أرضين و كتب له بذلك كتابا و رجع مع قومه،
و في لفظ: فخرج به من عند رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) راجعا إلى قومه، فقال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «إن ينج زيد من حمّى المدينة فإنه»،
قال بعض الشراح إن جواب إن ينج محذوف و التقدير فإنه لا يعاب. قال: في زاد المعاد، و في العيون، لما أحسّ بالموت أنشد يقول:
أمر تحل قومي المشارق غدوة* * * و أترك في بيت بفردة منجد
ألا ربّ يوم لو مرضت لعادني* * * عوائد من لم يبر منهنّ بجهد
فلما انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه يقال له فردة- و في لفظ فرد- أصابته الحمّى بها فمات هناك و عمدت امرأته بجهلها و قلة عقلها إلى ما كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، كتب له به فحرقته بالنار.
و ذكر ابن دريد عن أبي محسن أن زيدا أقام بفردة ثلاثة أيام و مات، فأقام عليه قبيصة بن الأسود المناحة سنة، ثم وجّه براحلته و رحله و فيها كتاب النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)، فلما رأت امرأته الراحلة ليس عليها زيد ضرّمتها بالنار فاحترقت و احترق الكتاب.
و روى الشيخان عن أبي سعيد [الخدريّ] رضي اللَّه تعالى عنه أن عليا (كرم اللّه وجهه) «بعث إلى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصّل من ترابها فقسمها رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بين أربعة نفر: بين عيينة بن بدر، و أقرع بن حابس و زيد الخيل و علقمة بن غيلان» [1].
[1] أخرجه البخاري 5/ 326 (4351) و مسلم 2/ 742 (144/ 1064).