الباب الثاني و الثلاثون في وفود جيشان إليه (صلّى اللّه عليه و سلم)
نقل ابن سعد [1] عن عمرو بن شعيب قال: قدم أبو وهب الجيشاني على رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في نفر من قومه، فسألوه عن أشربة تكون باليمن. قال: فسمّوا له البتع من العسل و المرز من الشعير. فقال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «هل تسكرون منها؟» قالوا: إن أكثرنا سكرنا.
قال: «فحرام قليل ما أسكر كثيرة» و سألوه عن الرجل يتّخذ الشّراب فيسقيه عمّاله، فقال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «كلّ مسكر حرام».
البتع: بموحدة فمثناة فوقية ساكنة و قد تحرّك فعين مهملة: نبيذ التمر و هو خمر أهل اليمن.
الباب الثالث و الثلاثون في وفود الحارث بن حسان إليه (صلّى اللّه عليه و سلم)
روى الإمام أحمد، و الترمذي و النسائي و ابن ماجة عن الحارث بن حسّان البكري قال:
خرجت أشكو العلاء الحضرمي إلى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فمررت بالرّبذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها، فقالت: يا عبد اللَّه إنّ لي إلى رسول اللَّه حاجة فهل أنت مبلغي إليه؟ قال: فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله و إذا راية سوداء تخفق و بلال متقلّد السيف بين يدي رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فقلت: ما شأن الناس؟ قالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها. قال:
فجلست فدخل منزله فاستأذنت عليه فأذن لي.
فدخلت فسلّمت فقال: «هل كان بينكم و بين تميم شيء؟»
قلت: نعم، و كانت الدائرة عليهم و مررت بعجوز من بني تميم منقطع بها فسألتني أن أحملها إليك و ها هي بالباب. فأذن لها فدخلت. فقلت: يا رسول اللَّه إن رأيت أن تجعل بيننا و بين تميم حاجزا فاجعل الدّهناء. فحميت العجوز و استوفزت و قالت: يا رسول اللَّه أين يضطر مضرك؟ قال: قلت: إنّ مثلي ما قال الأول معزى حملت حتفها، حملت هذه و لا أشعر أنها كانت لي خصما أعوذ باللَّه و رسوله أن أكون كوافد عاد. قالت هي: و ما وافد عاد؟ و هي