أسلموا؟ فقال: أهل السّريّة كلهم يخبرونا أنك قد وجدتهم بنوا المساجد و أقرّوا بالإسلام، ثم حملتهم على السيف. قال: جاءني رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إن أغير عليهم. و عند ابن إسحاق [و قد قال بعض من يعذر خالدا إنه] قال: ما قاتلت حتى أمرني بذلك عبد اللَّه بن حذافة السّهمي و قال إن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قد أمرك أن تقاتلهم لامتناعهم عن الإسلام، انتهى. فقال عبد الرحمن: كذبت على رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و غالظ عبد الرحمن
قال ابن إسحاق: فبلغ ذلك رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) انتهى.
فأعرض رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) عن خالد و غضب عليه و قال: «يا خالد ذر لي أصحابي، متى ينكأ المرء ينكأ المرء و لو كان لك أحد ذهبا تنفقه قيراطا قيراطا في سبيل اللَّه لم تدرك غدوة أو روحة من غدوات أو روحات عبد الرحمن» [1].
و عند ابن إسحاق: غدوة رجل من أصحابي.
و روى البخاري عن أبي سعيد الخدري- بالخاء المعجمة المضمومة و سكون الدال المهملة- رضي اللَّه عنه قال: كان بين خالد بن الوليد و بين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبّه خالد، فقال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «لا تسبّوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم و لا نصيفه» [2].
تنبيه: في بيان غريب ما سبق:
جذيمة: بفتح الجيم و كسر الذال المعجمة و بالتحتية.
كنانة: بكسر الكاف و نونين فتاء تأنيث.
يلملم: بفتح التحتية و اللامين و إسكان الميم بينهما و بالميم في آخره.
الغميصاء: بضم الغين المعجمة و فتح الميم و سكون التحتية و بالصاد المهملة. موضع في بادية العرب قرب مكة كان يسكنه بنو جذيمة بن عامر.
سليم: بضم السين المهملة و فتح اللام.
مدلج: بضم الميم و سكون الدال المهملة و كسر اللام و بالجيم.
ما أنتم: قال في النهر: الظاهر أنه سألهم عن صفتهم: أي مسلمون أنتم أم كفّار؟ و لهذا أتى بما، و لو أراد غير ذلك لقال: من أنتم؟ و إنه استعمل «ما» فيمن يعقل و هو شائع.
جحدم: بفتح الجيم و سكون الحاء المهملة و بالدال [المهملة].
الإسار: بكسر الهمزة و هو القيد.
وضعت الحرب أوزارها: كناية عن الانقضاء، و المعنى على حذف مضاف، و التقدير
[1] أخرجه ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق 5/ 103 و ذكره المتقي الهندي في الكنز (33497).
[2] أخرجه البخاري في كتاب المناقب (3673) و أحمد في المسند 3/ 11 و البيهقي في السنن 1/ 203.