ألف ملك، فصلّى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و صفّ الملائكة خلفه صفّين، فلما فرغ رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- قال لجبريل «بم بلغ هذه المنزلة» قال: «بحبه قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌيقرؤها قائما أو قاعدا، أو راكبا أو ماشيا و على كل حال»
قال الحافظ في لسان الميزان في ترجمة محبوب بن هلال: هذا الحديث علم من أعلام النبوة، و له طرق يقوي بعضها ببعض، و قال في فتح الباري، في باب الصفوف على الجنازة: إنه خبر قوي بالنظر إلى مجموع طرقه، و قال في اللسان في ترجمة نوح بن عمر طريقة أقوى طرق الحديث- انتهى. و أورد الحديث النووي في الأذكار في باب «الذكر في الطريق» فعلم من ذلك ردّ قول من يقول: إن الحديث موضوع لا أصل له [1].
ذكر إرساله- (صلّى اللّه عليه و سلم)- دحية إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام و قدوم [رسول] هرقل على رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و ما وقع في ذلك من الآيات
لمّا وصل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- تبوك كان هرقل بحمص، و لم يكن يهم بالذي بلغ رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- عنه من جمعه، و لا حدثته نفسه بذلك.
و روى الحارث بن أبي أسامة عن بكر بن عبد اللّه المزني- (رحمه اللّه تعالى)- قال: قال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- «من يذهب بهذا الكتاب إلى قيصر و له الجنة»؟ فقال رجل: و إن لم يقبل؟
قال: «و إن لم يقبل» فانطلق الرجل فأتاه بالكتاب، فقرأه فقال: اذهب إلى نبيكم فأخبره أني متّبعه، و لكن لا أريد أن أدع ملكي، و بعث معه بدنانير إلى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فرجع فأخبره، فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- «كذب» و قسم الدنانير
و روى الإمام أحمد. و أبو يعلى بسند حسن لا بأس به عن سعيد بن أبي راشد قال:
لقيت التّنوخي رسول هرقل إلى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- بحمص، و كان جارا لي شيخا كبيرا قد بلغ المائة أو قرب، فقلت: ألا تحدثني عن رسالة رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- إلى هرقل؟ فقال: بلى، قدم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- تبوك، فبعث دحية الكلبي إلى هرقل، فلما أن جاء كتاب رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- دعا قسّيسي الروم و بطارقتها، ثم أغلق عليه و عليهم الدار فقال: قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم، و قد أرسل يدعوني إلى ثلاث خصال: أن أتبعه على دينه، أو أن أعطيه مالنا على أرضنا و الأرض أرضنا، أو نلقي إليه الحرب. و اللّه لقد عرفتم فيما تقرأون من الكتب ليأخذن